حزب الله اللبناني: بين دعم الشعب وتثبيت السلاح في خدمة المشروع الإيراني

beirut News17 أغسطس 2025
حزب الله اللبناني: بين دعم الشعب وتثبيت السلاح في خدمة المشروع الإيراني
beirut News
مهدي رضا_ المعارض الإيراني

يشكل “حزب الله” نقطة محورية في الحضور الإيراني في لبنان والشرق الأوسط، إذ يستمد هذا التنظيم الداعم الرئيسي له من الجمهورية الإسلامية الإيرانية، ليس فقط على صعيد التمويل والتسليح، بل على صعيد السياسة والبنية الاجتماعية التي تسيطر على جزء كبير من الحياة اللبنانية. لكن السؤال الذي يطرح نفسه بقوة اليوم هو: متى سيدرك المسؤولون الإيرانيون أنه آن الأوان لخوض معاركهم داخلياً من أجل حماية نظامهم، بدلاً من تصدير أزماتهم عبر ميليشيات مذهبية في مناطق عدة؟

مع اقتراب زيارة أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي لاريجاني إلى بيروت، شهد الخطاب الإيراني تراجعاً حيث لم يعودوا يعلنون دعمهم لسلاح “حزب الله” بوضوح، بل تحول الخطاب إلى دعم “الشعب اللبناني” بشكل عام، كخطوة تبريرية لمحاولة تخفيف الضغوط الدولية والداخلية التي بدأت تتصاعد ضد السلاح غير الشرعي الذي يمتلكه الحزب. هذه الخطوة جاءت متزامنة مع إعلان الحكومة اللبنانية عن رغبتها الحازمة في نزع سلاح “حزب الله” خلال مهلة تنتهي بنهاية العام الحالي، وهو ما لاقى دعماً من بعض رموز الدولة اللبنانية، بالرغم من تحفظات الأطراف المقربة من إيران.

وعلى الرغم من هذا التحول الظاهري، لا تزال إيران تُصر على دعم “المقاومة” كما يسميها، مؤكدة أن الدعم “نهائي ولا رجعة فيه”، وهو ما يعكس تمسكها بالهيمنة من خلال أدواتها في لبنان. ويبدو أن حزب الله بات يتحول إلى عبء حقيقي على لبنان، حيث أدى وجوده إلى تفاقم الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وزيادة الانقسامات في الداخل اللبناني، فضلاً عن استنزاف موارد الدولة وتحويل لبنان إلى ساحة صراع بين طهران والولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة.

أحداث عدة مثل اغتيال قيادات سياسية وأحداث تفجيرية دمرت النسيج الداخلي اللبناني، وتكررت الحروب التي تورط فيها الحزب والتي أودت بحياة مئات اللبنانيين وأدت إلى دمار واسع، مما يؤكد أن استراتيجية إيران التوسعية عبر حزب الله لم تخدم فعلياً سوى تعميق الأزمات في البلد.

يبقى الملح حول مدى استعداد المسؤولين في إيران لوقف هذه السياسات التي تضر ببقائهم الطويل الأمد، والتوجه نحو مواجهة التحديات الداخلية بدل المخاطرة بتبعات الحرب بالوكالة. ويبدو واضحاً أن إيران تحاول، من خلال هذه الاستراتيجية، الحفاظ على نفوذها الإقليمية بأي ثمن، مهما كانت التكاليف على اللبنانيين والشعوب المحيطة.

في النهاية، السؤال الذي يفرض نفسه: هل آن الأوان لإيران أن تتخلى عن مشاريعها التوسعية التي ربطت مصير شعوب المنطقة بحروب بالوكالة، وتكرّس الجهود لاستقرار لبنان والعالم العربي؟ أم أنها ستصر على استمرار تعميق الأزمات، مطالباً شعوب المنطقة دفع ثمن ذلك؟ زمان الإجابة عن هذا السؤال بات قريباً، فالواقع السياسي في لبنان والمنطقة يتغير بسرعة، ويحتاج إلى قرارات جريئة تخرجهم من دوامة النزاعات التي لا تنتهي.