“لتعقيم” التشكيلة الوزارية: الراعي “يُلزِم” عون بالاتصال بالحريري

20 يناير 2021
“لتعقيم” التشكيلة الوزارية: الراعي “يُلزِم” عون بالاتصال بالحريري
ملاك عقيل
ملاك عقيل

صَدَقت التوقّعات بعدم ولادة الحكومة قبل استحقاق الانتخابات الاميركية.

غداً اليوم الكبير في الولايات المتحدة حيث تشخص أنظار العالم نحو مشهد تنصيب جو بايدن رئيساً وطيّ صفحة دونالد ترامب.

الكارثة الأكبر بقاء  لبنان أسير انتظار استحقاقي الانتخابات الرئاسية السورية المُفترضة في أيار والانتخابات الإيرانية في 18 حزيران من هذا العام.

ليس أمراً جديداً ارتباط أزمات لبنان الداخلية مع أزمات واستحقاقات المنطقة والعالم.

لطالما كان الأمر كذلك، لكن “هذه المرّة غير”.

لبنان المُفلِس والمنهار الواقف على رصيف انتقال السلطة في البيت الأبيض يكاد يَلفظ أنفاسه الأخيرة بموت مواطنيه أمام غرف طوارئ المستشفيات، و”جَلدهم مرّتين” داخل المحال التجارية وأمام المصارف وعلى أيدي تجّار اللقمة، ودولارهم الذي بات خارج السيطرة وليرتهم التي تنازع، وحكومتهم “المُصرّفة” لأعمال موتهم على البطئ، وحكومة مُنتظرة يرتكب المسؤولون عن ولادتها جريمة موصوفة بإقحامهم “الكيمياء” وخلافاتهم الشخصية بالدور الوطني المطلوب منهم في أخطر وأصعب أزمة في تاريخ لبنان الحديث.

أكثر من خمسة أشهر هي المُدّة الفاصلة بين استقالة حكومة حسان دياب ويبن الانتخابات الرئاسية الأميركية.

مع ذلك، وُجِد من يجاهر بصعوبة تأليف حكومة قبل الاستحقاق الأميركي رغم “وهج” المبادرة الفرنسية، وذلك ربطاً بالغموض التام على مستوى أزمات المنطقة والمحادثات الإيرانية – الأميركية.


الكارثة الأكبر بقاء  لبنان أسير انتظار استحقاقي الانتخابات الرئاسية السورية المُفترضة في أيار والانتخابات الإيرانية في 18 حزيران من هذا العام


في هذه المرحلة “تضافرت الجهود” لإبقاء لبنان من دون حكومة. سَقط خيار مصطفى أديب ليُعيد سعد الحريري تنصيب نفسه مرشحاً طبيعياً لرئاسة الحكومة.

ومع الانتقال من ضفّة سفير لبنان في ألمانيا إلى ضفّة رئيس تيار المستقبل، حوصر لبنان بالعقوبات الأميركية وانهارت المبادرة الفرنسية ومعها لائحة الإصلاحات المطلوبة ومحاولات إنعاش الخطة الحكومية واستئناف التفاوض مع صندوق النقد الدولي واستجلاب الدولارات الطازجة ودولارات الاستثمار الى لبنان…

انتهى الأمر أخيراً عند رفض رئيس الجمهورية ميشال عون التشكيلة الوحيدة التي قدّمها له الرئيس المكلّف.

الأخير غاب عن السَمع والنَظر وتَرَك لإعلامه وقياديّي “المستقبل” مهمّة إبلاغ عون ضرورة إعطاء رأيه بالتشكيلة فور استئناف اللقاءات تمهيداً لتوقيعه عليها. تحرّكت الوساطة البطريركية من دون أن تؤدي حتّى الآن إلى إحداث خرقٍ في الأزمة الحكومية.

وقد سُجّل أمس دخول مدير عام الأمن العام اللواء عباس ابراهيم على خط الملفّ الحكومي حيث التقى عون والحريري في سياق المسعى لتقريب المسافات بين الطرفين.

لكنّ آخر الدعوات البطريركية اتّسمت بمعطييّن بارزين:

الأول: طلب البطريرك الصريح من رئيس الجمهورية، وللمرّة الأولى، “أخذ المبادرة” بدعوة الرئيس المكلّف إلى عقد لقاء وصفه بـ”لقاء المصالحة الشخصية لإعادة الثقة بينهما.

والثاني: الايحاء المباشر باطّلاع بكركي على الأسماء المرشّحة للتوزير، فجاء الموقف البطريركي في سياق الاعتراض على جزءٍ منها، إذ أشار الراعي إلى أنّ “طريق الحلّ هو تشكيل حكومة إنقاذ مؤلّفة من نخب لبنانيةِ وشخصيات نَجحَت وتفوّقت في لبنان والعالم، وتتحمّلِ مسؤولية الإنقاذ وترشيدِ الحوكمة، لا من يَتمتّع فقط بالولاءِ للحزبِ أو بالخضوعِ للزعيم”، طالباً من عون والحريري “غربلة الأسماء المطروحة واستكشاف أسماء جديدة وجديرة.

ووفق المعطيات، التقى البطريرك بشاره الراعي الأسبوع الماضي موفد الحريري الوزير السابق غطاس خوري والوزير السابق سجعان القزّي بعيداً من الإعلام.


تحرّكت الوساطة البطريركية من دون أن تؤدي حتّى الآن إلى إحداث خرقٍ في الأزمة الحكومية. وقد سُجّل أمس دخول مدير عام الأمن العام اللواء عباس ابراهيم على خط الملفّ الحكومي حيث التقى عون والحريري في سياق المسعى لتقريب المسافات بين الطرفين


أسّس هذا اللقاء للموقف الذي أعلنه الراعي يوم الأحد بالطلب من رئيس الجمهورية الاتصال بالحريري.

وقد حَضر في اللقاء الحديث عن التسجيل المسرّب لعون وتأثيره السلبي على العلاقة مع الحريري وقواعد تيار المستقبل، ما كرّس واقعاً جديداً يمنع الحريري من المبادرة بالاتصال بالقصر الجمهوري بعد موجة الاستياء لدى “المستقبل” من كلام رئيس الجمهورية.

والأهمّ تسليم الحريري بأنّه، كرئيس مكلّف، قام بواجبه والكرة أصلاً في ملعب ميشال عون.

وفق المعلومات، لم تنقطع في الأيام الماضية الاتصالات بين بكركي وكل من عون والحريري حتّى خلال وجود الأخير خارج لبنان، فيما لم يُعرف بعد توجّه عون في شأن التجاوب مع طلب الراعي.

وعن رأي بكركي  بالدعوات لاستقالة رئيس الجمهورية وآخرها الصادرة عن رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع ولقاء سيدة الجبل، يقول قريبون من الراعي: “بالمبدأ لا يؤيّد البطريرك استقالة رئيس الجمهورية، لكن كل ظرف يتطلّب موقفاً واليوم هذا الموضوع غير مطروح على طاولة بكركي، مع العلم أنّ البطريرك يحمّل الطرفين المسؤولية عن تأخير تشكيل الحكومة.

وتقول مصادر مطّلعة على أجواء تأليف الحكومة إنّ “الراعي لن يتوقّف عن الدعوة الى الحوار الثنائي طالما ليس هناك حكومة، وطالما أن لقاء عون – الحريري هو الممرّ الوحيد للتمهيد للحلّ”.

يُشبِه الأمر، برأي المصادر، ما واظب عليه رئيس حكومة “الشغور الرئاسي” تمام سلام على مدى سنتين ونصف السنة، بالدعوة في كلّ جلسة لمجلس الوزراء إلى التئام مجلس النواب وانتخاب رئيسٍ جديد للجمهورية.

وتشير المصادر الى أنّ “الراعي تقصّد إبقاء المبادرة بيد عون احتساباً لموقعه كرئيس للجمهورية، ولعلمه بارتكاب الأخير “فاولاً” يجدر لجم تداعياته سريعاً، خصوصاً أنّ موفد الحريري أبلغ البطريرك مقدار الاستياء الذي أثاره كلام عون المسرّب لدى قواعد جمهور الحريري، بصفته الممثّل الأول عن الطائفة السنية.

وتؤكد المصادر أنّ “الراعي مستاء أيضاً من “نوعية” بعض  الوزراء المطروحة لدى الطرفين معتبراً أنّها غير مقنعة مقارنة بالمطلوب في هذه المرحلة.

المصدر أساس