باسيل يلاحق عثمان “قضائيًا”…

3 مارس 2021
باسيل يلاحق عثمان “قضائيًا”…
beirut News
ملاك عقيل

حدّد قاضي التحقيق العسكري القاضي فادي صوان جلسة في 9 آذار الجاري للاستماع إلى المدير العام قوى للأمن الداخلي اللواء عماد عثمان كـ”مدّعى عليه”، بعد ادّعاء مفوّض الحكومة العسكرية بالإنابة القاضي فادي عقيقي الأسبوع الماضي، على عثمان  في الإخبار المقدّم ضده من القاضي السابق، المستقيل، بيتر جرمانوس.

مضمون الادّعاء، وفق معلومات “أساس”، مرتبط بالمرحلة التي كان يشغل فيها جرمانوس منصب مفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكرية عام 2019 وادّعى خلالها على عثمان في ملفّ الأذونات المعطاة في حفر آبار ومنح رخص بناء.

للمفارقة فإنّ القاضي صوّان الذي كان قد أصدر قرارًا بـ”منع المحاكمة” عن عثمان العام الماضي، عاد اليوم واستدعاه للتحقيق بُعيد أيام قليلة عن تنحيته كمحقّق عدلي في ملفّ تفجير المرفأ.

وقد استحصلت النيابة العامة العسكرية على ما يبدو على بعض المستندات الإضافية المتعلّقة بهذا الملفّ.

الادّعاء من جانب عقيقي أثار ضجة سياسية وقضائية كبيرة كونه يطال ضابطًا على رأس مؤسسةٍ أمنية، ولأنّه ملفّ تشوبه مخالفات قانونية والعديد من علامات الاستفهام التقنية والسياسية.

وفي هذا السياق يؤكّد وزير الداخلية محمد فهمي لـ “أساس”: “لن أسمح بالمسّ بهيبة المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي ولا بأيّ ضابط يتبع للمديرية، فكيف الحال إذا كان الأمر يرتبط بالمدير العام لقوى الأمن الداخلي؟”.


للمفارقة فإنّ القاضي صوّان الذي كان قد أصدر قرارًا بـ”منع المحاكمة” عن عثمان العام الماضي، عاد اليوم واستدعاه للتحقيق بُعيد أيام قليلة عن تنحيته كمحقّق عدلي في ملفّ تفجير المرفأ


ويشدّد وزير الداخلية على أنّه “مهما كان مضمون الادّعاء أنا أتحمّل المسؤولية، ولن أسمح بالمسّ بهيبة المديرية.

فهل يعلم من قام بالادّعاء بالمهام الجسيمة الملقاة على عاتق المؤسسة في وضع استثنائي بالغ الأهمية والخطورة؟”.

وعمّا إذا كان هناك ملفّ قضائي يدين المدير العام، يجيب فهمي: “ليقولوا لي ما هو هذا الملفّ.

لم يطلعني أحد على فحوى الادّعاء”، متسائلًا: “هل من المعقول استدعاء ضابط برتبة لواء هو المدير العام لقوى الأمن استنادًا إلى دعوى من قاضٍ سابق وبهذا الشكل المخالف للقانون”.

وأضاف “بالمناسبة. هذا قاضٍ مستقيل أو طُلب منه الاستقالة؟!”.

مع ذلك، لا يعلّق فهمي كثيرًا على كون جرمانوس تحديدًا هو المدّعي “لا يهمني الاسم. الأهمّ بالنسبة لي هيبة المديرية العامة لقوى الأمن وكل ضابط ورتيب وفرد في مؤسسة قدّمت تضحيات وشهداء”.

في الوقائع، ليست المرة الأولى التي يدّعي جرمانوس على اللواء عثمان.

ففي خضمّ الاشتباك الذي كان قائمًا بين “شعبة المعلومات” وجرمانوس، على خلفية ملفّ الفساد القضائي والعلاقة السيئة بين الأخير ومعاون مفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي هاني حلمي الحجّار، ادّعى مفوض الحكومة العسكرية السابق على “شعبة المعلومات” وعثمان.

في 8 نيسان 2019 ادّعى جرمانوس على “المعلومات” بجرم تسريب محاضر تحقيق على الرغم من أنّها لا تتمتّع بالشخصية المعنوية. مع التذكير بأنّ التحقيقات التي أجرتها “المعلومات” يومها في ملفّ الفساد القضائي، وقادت إلى عشرات التوقيفات، وضعت أكثر من قاضٍ في دائرة الشبهات، بينهم جرمانوس نفسه.

وفي أيّار من العام نفسه انتظر جرمانوس انقضاءَ المهلة التي منحها للمديرية العامة لقوى الأمن، لتردّ عليه بعد توجيه كتابين إلى قائد الدرك العميد مروان سليلاتي، ثمّ إلى اللواء عثمان “بإيداعه الأذونات المعطاة بحفر آبار ارتوازية، ومخالفات بناء”، ليدّعي بعدها على عثمان بجرم مخالفة قرار قضائي “لعدم تلبيته طلبًا صادرًا عن السلطة القضائية بوجوب تسليمه لائحة الأذونات المطلوبة”.

موضوع الادّعاء اقتصر يومها على استنابة أرسلها جرمانوس إلى بعض قطعات قوى الأمن، فيما شمل التحقيق ثلاث أوراق من ضمنها برقية أرسلها عثمان إلى القطعات الأمنية، يطلب منها بأن يمرّ الجواب على طلب إيداع الأذونات عبره، إضافة إلى طلب جرمانوس من قلم النيابة العامة العسكرية، أن تعطيه إفادة عن تنفيذ أو عدم تنفيذ الاستنابة، فأجابته بعدم التنفيذ فادّعى على عثمان.

وأكمل جرمانوس مساره الملتبس بحضوره شخصيًّا الجلسة الأخيرة لمحاكمة المقدّم سوزان الحاج والمقرصن إيلي غبش أمام المحكمة العسكرية، مقدّمًا مطالعة طلب فيها البراءة للحاج.


ليست المرة الأولى التي يدّعي جرمانوس على اللواء عثمان. ففي خضمّ الاشتباك الذي كان قائمًا بين “شعبة المعلومات” وجرمانوس، على خلفية ملفّ الفساد القضائي والعلاقة السيئة بين الأخير ومعاون مفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي هاني حلمي الحجّار، ادّعى مفوض الحكومة العسكرية السابق على “شعبة المعلومات” وعثمان


ترافق ذلك مع ما سرّب آنذاك حول تقدّم القاضي الحجار بطلب نقله من  المحكمة العسكرية. وتمّ الربط يومها بين طلب النقل وبين استهداف القاضي جرمانوس مؤسسةَ قوى الأمن الداخلي، وأداء النيابة العامة العسكرية.

بعد استقالة جرمانوس في حزيران 2020 أصدر القاضي صوّان قرار منع المحاكمة في ملفّي عثمان و”شعبة المعلومات” من دون استدعاء أحد، لتقديره أنّ الملفّ “فارغ وليس هناك إذن بالملاحقة والادّعاء غير جدّي”.

ومن يومها “نام” الملفّ حتى الأسبوع الماضي، حين ادّعى مفوّض الحكومة على عثمان وأحال الملفّ إلى صوّان الخارج لتوّه من “نكسة” تحقيق المرفأ.

وسريعًا حدّد قاضي التحقيق العسكري جلسة للمدير العام في ظل أزمة كورونا.

وهي الأزمة نفسها التي تحجّج بها صوّان طويلًا لعدم استئناف تحقيقاته في قضية المرفأ.

“هرطقة” قانونية

وتشير مصادر مطّلعة إلى سلسلة ثغرات أحاطت بالادّعاء ووصفته بـ “الهرطقة، وذلك بسبب عدم الاستحصال على إذن بالملاحقة من وزير الداخلية، كما أنّ الادّعاء على المدير العام لقوى الأمن حصل من دون إجراء تحقيق أوّلي معه”.

وقد عُلم أنّ عثمان لم يتسلّم حتى الآن التبليغ بالحضور أمام المحقّق العسكري.

وتُطرح علامات استفهام في الأوساط القريبة من بيت الوسط “حول أداء النيابة العامة العسكرية مؤخرًا وخصوصًا بعد الادّعاء على موقوفي طرابلس بتهم إرهابية، ما وَصَم المدينة بما لا يشبهها. والملفّ اليوم بعهدة القاضي مارسيل باسيل الذي يذكر كثر كيف انتقل ملفّ قبرشمون إليه برغبة من سليم جريصاتي بعدما كان بعهدة صوّان”.


بعد استقالة جرمانوس في حزيران 2020 أصدر القاضي صوّان قرار منع المحاكمة في ملفّي عثمان و”شعبة المعلومات” من دون استدعاء أحد، لتقديره أنّ الملفّ “فارغ وليس هناك إذن بالملاحقة والادّعاء غير جدّي”


أما في السياسة فتشير الأوساط إلى “الموقف الحاسم لسعد الحريري بعدم التفاوض مع جبران باسيل”، قائلة: “كأنّ هناك من يريد أن يطرح ملفات للتفاوض والمقايضة”.

وأمس وَصف بيان تيار المستقبل الادّعاء بحق عثمان بـ”كيدية قاضٍ قدّم استقالته بعد انكشاف فساده”، معلنًا أسفه “لأن تصبح قرارات بعض القضاة غبّ الطلب السياسي”.

وبدا بيان “المستقبل” موجّهًا إلى باسيل وفريق العهد، إذ أشار إلى “البعض المعروف بافتعال المعارك الدونكيشوتية والذي لم يعد يراعي حرمة المصالح الوطنية”.

“هيمنة” فريق العهد

واختصارًا للمشهد يقول مطلعون: “رغم الخلاف الحادّ مع النيابة العامة العسكرية عام 2019 بقي هناك بعض التوازن، من خلال حضور قضاة محسوبين على مراجع سياسية أمّنوا متطلّبات هذا التوازن، ما كان يمنع الجنوح نحو تفرّد أيّ فريق.

لكن اليوم يبدو هذا التوازن مفقودًا لصالح هيمنة عامة لفريق رئيس الجمهورية على النيابة العامة العسكرية”.

وفي هذا الإطار يُلاحظ المطّلعون “مثلًا عدم “حضور” القاضي هاني حلمي الحجار في المحكمة العسكرية خلال السنة الأخيرة كما كان سابقًا، باستثناء ما يتّصل حصرًا بالملفّات الموكلة إليه. فالتشكيلات القضائية فَعلت فِعلها وبقيت تأثيراتها المعنوية، وإن لم تمرّ.

إذ خاض عون معركة حماية القضاة المحسوبين عليه، وهو الأمر الذي لم يفعله الحريري، مع العلم أنّ الحجار كان “عنوانًا أساسًا” في الصراع بينه وبين العونيين،  باعتباره كان يشغل منصب مستشار رئيس الحكومة.

والجميع يذكر الاشتباك الذي حصل بينه وبين الوزير السابق الياس أبو صعب، والتسريبات المتكرّرة من جانب الأخير، بأنّ الحجار أحيل إلى التفتيش فيما هذا الأمر غير صحيح.

ورغم ذلك كان فريق الحريري يصفّق للتشكيلات القضائية التي ظلمت محسوبين عليه، في وقت كان عون يخوض معركة قضاته”!

المصدر أساس