منذُ رحيل إدارة الرّئيس دونالد ترامب، لم تهدَأ ميليشيات الحوثي ومِن خلفها إيران، من محاولات استهداف المملكة العربيّة السّعوديّة بشكلٍ غير مسبوق. ما يفتح السّؤال عن أسباب تكرر الهجمات الإرهابيّة ضدّ السّعوديّة في هذا الوقت تحديدًا.
لا شكّ أنّ نظام طهران وَجد الاختلاف الجذريّ بالتعاطي معها بين إدارتي ترامب والرئيس الجديد جو بايدن.
فمُحاولة إيران اختبار صبر ترامب عام 2019، جاءت بنتيجة كارثيّة عليها أودت بحياة قاسم سُليماني، وكادت أن تودي بالفترة الزّمنيّة نفسها، بحياة ممثّل سليماني الشّخصي في اليمن الجنرال عبد الرّضا شهلائي الذي نجا بأعجوبة من غارةٍ أميركيّة استهدفته قرب صنعاء.
ومع تغيّر الإدارة، ومجيء بايدن إلى السّلطة، تستغلّ طهران وعوده الانتخابيّة المُتعلّقة بالعودة إلى الاتفاق النّووي مع إيران من جهة، ومن ناحية أخرى تستثمر إلى أقصى الحدود وجود شخصيّات في الإدارة الحاليّة يُعرَفون بتساهلهم مع النّظام الإيراني.
وفي الوقت عينه، لم تغفل طهران عن “جسّ نبض” سيّد البيت الأبيض الجديد، في القصف الذي استهدف مطار أربيل شمالي العراق، فجاء الرّد على قدْر الآمال الإيرانيّة، ما سَمَح لها بتوسيع “بيكار” استهدافاتها للضّغط على الإدارة الجديدة في الملف النّووي والمُفاوضات الآتية لا محالة في نهاية المطاف.
لا شكّ أنّ نظام طهران وَجد الاختلاف الجذريّ بالتعاطي معها بين إدارتي ترامب والرئيس الجديد جو بايدن. فمُحاولة إيران اختبار صبر ترامب عام 2019، جاءت بنتيجة كارثيّة عليها أودت بحياة قاسم سُليماني
موقف بايدن تجاه حربِ اليمن كان دافعًا مُهمًّا للحرس الثّوري، لرفع مستوى هجماته على المملكة العربيّة السّعوديّة عبر ذراعه الحوثيّة.
فكان اليمن قاعدةً لإطلاق هجمات صاروخيّة وبالطائرات المُسيّرة لاستهداف مُدن عدة في المملكة، تصدّى لها الدّفاع الجوّي السّعودي.
توازيًا، علم “أساس” من مصادِر مُطّلعة، أنّ جلسات عدة عُقِدَت في إحدى الدّول العربيّة بين ممثّلين عن الإدارة الأميركيّة الجديدة وآخرين عن ميليشيات الحوثي، لبحث سُبُل وقف الحرب المُندلعة في اليمن منذ انقلاب الحوثيين على الشّرعيّة في أيلول 2014.
وتقول المصادِر إنّ الحوثيين من جهتهم يستغلّون الاهتمام الأميركي والمسعى الجدّي لوقف الحرب في اليمن، بعد تعيين بايدن الدّبلوماسي المُخضرم تيموثي ليندركينغ مبعوثًا خاصًّا له إلى اليمن، بالتّصعيد بشكلٍ يوميّ واستهداف السّعوديّة بهجماتٍ إرهابيّة لرفع شروطهم أمام الأميركيين.
ومع تصعيدهم باستهداف السّعوديّة، تشنّ الميلشيات الحوثيّة هجومًا منذ الشّهر الماضي في محاولة للسيّطرة على محافظة مأرب في الداخل. إذ تصدّت قوّات الجيش اليمني مدعومة بطائرات التّحالف العربي، لمُعظم “الهجمات الانتحاريّة” التي يشنّها الحوثيّون في المنطقة. ويأتي الهجوم الحوثي على “قبلة النّزوح اليمني” لـ4 أهداف:
الأوّل، محاولة تمكين وتحصين سيطرتهم على العاصمة اليمنيّة صنعاء من المشرق. وبالتّالي الذّهاب نحو المُفاوضات المُقبلة للحلّ السّياسي بورقة “سيطرتهم على صنعاء” ومُعظم الشّمال اليمني.
موقف بايدن تجاه حربِ اليمن كان دافعًا مُهمًّا للحرس الثّوري، لرفع مستوى هجماته على المملكة العربيّة السّعوديّة عبر ذراعه الحوثيّة. فكان اليمن قاعدةً لإطلاق هجمات صاروخيّة وبالطائرات المُسيّرة لاستهداف مُدن عدة في المملكة، تصدّى لها الدّفاع الجوّي السّعودي
والثّاني، محاولة السّيطرة على المقرّ الرّئيسي لوزارة الدّفاع اليمنيّة، وما يتبع ذلك من أثرٍ سياسي وعسكريّ باعتباره مكسبًا مُهمًّا للحوثي الطّامح لتكريس هيمنته.
الثّالث، الثّروات الطبيعيّة الضّخمة التي تتمتّع بها المُحافظة من نفطٍ وغاز. بالإضافة إلى امتلاكها السّد المائي الأشهر في البلاد ومحطّة الكهرباء التي كانت تُغذّي مُعظم اليمن قبل الانقلاب الحوثي عام 2014.
الرّابع والأهم، منذ الانقلاب الحوثي عام 2014 بعد إقرار التقسيم الإقليمي لليمن في مؤتمر الحوار الوطني اليمني، الذي شاركت فيه جميع الأطراف اليمنية السياسية وغير السياسية، وبعد التوقيع على مخرجات الحوار التي رفضها الحوثي وشنّ انقلابه على إثرها… يطمح الحوثي إلى أن يُغيّر بالأقاليم اليمنيّة لينال إقليمًا وازنًا يجمع أقاليم “آزال” و”سبأ” و”تُهامة” التي تجمع محافظات: صنعاء وعمران وذمار وصعدة، ومأرب والبيضاء والجوف، والحديدة وحجّة.
وفي حال تمّ كسر الهجوم العنيف الذي يشنّه الحوثيّون على محافظة مأرب، تكون الحكومة اليمنيّة وبدعم قوّات التحالف العربيّ، قد أفقَدت الحوثي ورقةً توازي العاصمة صنعاء، التي يسعى إليها آملًا في انتزاعها خلال الوقت الضّائع، قبل بدء البحث الجدّي الذي يسعى إليه الأميركيّون لوقف حرب اليمن.