“حسين الحاج حسن انكعر من هون”، جملة ترددت على لسان شاب من بلدة علي النهري البقاعية، في أحد الفيديوات التي تم تداولها على مواقع التواصل الاجتماعي واختفى بعدها إثر التطورات التي شهدتها البلدة والتي رافقت احتجاج عدد من الشبان على الأوضاع المعيشية والغلاء ومحاولة طرد نائب حزب الله من حسينية البلدة أثناء مشاركته في مجلس عاشورائي، ورشقوه بالبندورة وتم إخراجه لاحقاً بحماية من الجيش اللبناني.
النائب المعني كابر وفي محاولة منه للملمة الفضيحة، أصدر بياناً نفى خلاله تعرضه لأي إشكال، وقال إن “كل ما يروجه البعض خلاف ذلك، هو اختلاق وكذب ومحاولة لإثارة الفتن”، مدعياً أن “قليلاً من الفوضى حصلت بين الحضور عندما بدأت بإلقاء كلمتي وذلك بسبب التدافع بين الشباب ليتسنى لهم الاستماع إلى الكلمة”.
في اليوم التالي قامت عناصر من مخابرات الجيش باقتحام منازل بعض الشبان المحتجين بينهم، واقتيدوا إلى التحقيق وطلب منهم سحب الفيديوات و”التوبة”، فيما تسارعت الاتصالات للإفراج عنهم من قبل شخصيات وفاعليات من البلدة لاحقاً.
“حزب الله” من جهته، حاول امتصاص نقمة الناس بإعطاء أوامره لإطلاق سراح أربعة شبان اقتيدوا للتحقيق، لاسيما بعد أن قامت قوة من النينجا التابعة لميليشياته في محاولة إرهاب الأهالي عن طريق “التسكع” في البلدة والتشبيح أمام منازل الشبان المتمردين على سلطة الحزب بعد اتهامه بالاشتراك وتغطية مافيات تهريب المحروقات والتي تعبر في بلدتهم، فيما لا أحد من نواب الحزب يهتم بمعالجة مشكلة انقطاع الكهرباء عن المنطقة أقله في تأمين المازوت لتشغيل المولدات بعد أن تراجعت خدمة شركة كهرباء زحلة بسبب أزمة المازوت واضطرت للتقنين، بحيث صارت شوارع البقاع معتمة كمثيلاتها في المناطق اللبنانية الأخرى التي تعاني وتنتفض، علما أن شاحنات التهريب تعبر في البلدة وتكمل طريقها نحو الداخل السوري بحماية من حزب الله وتحت انظار القوى الأمنية الرسمية.
وفي التسجيلات المصورة نشر فيديو لحظة اعتقال الشاب حسن مكحل، وظهر فيه أشخاص ملثمون يرتدون ملابس سوداء، وخلال التسجيل يحاول هؤلاء العناصر إرغام الشاب على وقف التصوير وإطفاء الهاتف قبل أن يقتحم أحد أولئك الملثمين المنزل ويرغمه على ذلك، بعد دفع رجل مسنّ يبدو أنه كان والد الشاب.
هذا ليس أول تحرك ضد حزب الله، فشعار كلن يعني كلن لم يعد يستثنيه في بيئة ما يسميه الحزب “المقاومة”، فيما يتهم البيئات اللبنانية الأخرى بالعمالة، ويجري تخوينهم إذا ما اعترضوا على الانهيار والعيش في الجحيم الذي سعى اليه منذ الثمانينات ونصب شريكه الجنرال على رأس جمهورية “صهري أو لا أحد”.
وكان شباب من البلدة علي النهري اعتصموا أمام بوابة منزل نائب الحزب أنور جمعة احتجاجا على أدائه وعدم مبالاته بأوجاع الناس.
وأفاد ناشطون يريدون سؤاله عن دوره كنائب وما إذا تم انتخابه ليخدم الناس أم ليخدم الحزب.
“لبنان الكبير” تواصل مع الناشط بلال دلول من البلدة، الذي أوضح أن الناس تريد الدفاع عن حقوقها وقاموا بتحرك سلمي منذ أيام أمام منزل النائب جمعه، لم يكن هناك أكثر من 20 شاباً، لكن حزب الله لم يكن متسامحاً أو متفهماً، بل لجأ إلى تكبير الموضوع بتحريك المخابرات لاستدعائهم، وفي اليوم الثاني جاء الحاج حسن ليخطب بالناس في مجلس عزاء عاشورائي، فتحرك الشباب مرة أخرى وأفهموه أنه غير مرغوب فيه في البلدة التي لاتريد استقبال الفاسدين ومن يغطيهم، وطبعاً جاءت المخابرات لتوقيفهم إثر ذلك والتحقيق معهم”.
ويرى أنه “من غير المفهوم الطلب إلى الأجهزة الأمنية للضغط على هؤلاء الشباب من قبل حزب الله، وشباب البلدة يريدون محاسبة اللصوص والمحتكرين، ويرفضون معاقبة الأهالي وكمّ أفواه من يخالف هذا الحزب وإرهاب الناس”.
ويوضح دلول أن الاتصالات تكثفت مباشرة مع العميد محمد الأمين الذي وعد بالتحقيق مع الشباب وتوضيح الأمور وإطلاق سراحهم على أن يجري فك اعتصام قام به الأهالي احتجاجاً، لكن إثر ذلك انتشرت قوات النينجا الحزبية التابعة لحزب الله لتخويف الناس ولكن ردة الفعل من الأهالي عليهم كانت عنيفة إذ طردوهم خارج البلدة”.
ويضيف: “القصة انتهت وتم لملمتها، الرسالة التي كان الناس يريدون إيصالها إلى حزب الله واضحة، العالم جائعة الشيعة جائعون، وهؤلاء ليسوا عملاء للسفارات، لا يمكن تخويف الجائع باتهامه بالعمالة إذا كان هناك 10% من الحزبيين في الطائفة الشيعية فهناك 90% منهم ليسوا مع الحزب وهم يعانون ولن يسكتوا على تمريغ كراماتهم في الأرض من “شبيحة” الحزب، هم جزء من بقية اللبنانيين الذين يعانون من جحيم العهد القوي”.
لا شك أن الأمور تتكشف يوماً بعد يوم على الرغم من المعاناة وانقطاع حبل الأمل، إلا أن حزب الله بدأ يعيش أزمة مع بيئته الحاضنة، ومع الفضائح التي تفوح من نوابه ومدراء مكاتبه كما كل أحزاب السلطة الحاكمة التي لا يهمها شعبها ولا تأبه لانكساراته وآلامه، والشعب لا يبدو أنه سيسامح بل سيحاسب والحساب سيكون عسيراً… فانتظروا سقوطهم المدوّي.