بعد 13 شهراً من الفراغ، أخيراً تألّفت الحكومة برئاسة نجيب ميقاتي وضمت شخصيات عديدة، منها المألوف ومنها غير المألوف.
أحد الاسماء المعروفة على الساحة اللبنانية هو جورج قرداحي، الإعلامي المحبب لدى كثيرين، إذ برز اسمه بشكل كبير في الخارج نتيجة عمله المهني، وعرف ببرامجه القريبة من الناس كـ”من سيربح المليون” الذي تابعته معظم الشعوب العربية، وبرنامج “المسامح كريم” فهو سفير التسامح اذا صح التعبير.
لكن هناك مجموعة أسئلة تدور حول هذا الرجل، فهل هو فعلاً اختصاصي؟ ام كما تعرفه الناس أنه أحد المدلّلين لدى بشار الأسد؟ وهل يتقبل حرية الرأي والتعبير؟ وهل هو قادر على التأقلم مع عالم الصحافة الجديد؟ فهو من محترفي الصحافة القديمة لكن اليوم الصحافة دخلت حيزاً جديداً ولم تعد تقتصر على الجرائد، ودخلت مواقع التواصل الاجتماعي على الخط لتضفي رونقا آخر.
لا شك في أن قرداحي شخصية مثقفة لكن في السياسة “حدث ولا حرج”، ولا بد من التذكير ببعض المواقف التي اشتهر بها، فقرداحي يضع الأسد في مرتبة البطل الذي يستحق التكريم، فبالنسبة له لولا الأسد لما ظلت سوريا موجودة على الساحة، وهو وصف ثورة سوريا بالمؤامرة الكبرى التي تهدف إلى إسقاط الدولة على يد المسلحين.
والمساس بحريته وآرائه السياسية أمر مرفوض بشكل قاطع، لكنه في الجهة المقابلة يرفض الثورات والاحتجاجات! كما لقّب قرداحي مرشد الجمهورية الاسلامية الايرانية علي خامنئي بـ”القائد الحكيم” بعد زيارته له في طهران.
إذاً مواقفه تشهد على أنه قريب من محور الممانعة وهو مولود من رحم 8 آذار.
وهو قال يوماً عن الاعلامية المصرية ريهام سعيد بأنها تستحق الضرب “بالحذاء” ولم يقبل اعتذارها.
فما رأي الزملاء الصحافيين بتعيين قرداحي؟
قصيفي: نرحب بقرداحي
تعيين قرداحي وزيرا للاعلام لاقى ترحيبا من نقيب المحررين جوزف قصيفي الذي قال لموقع “لبنان الكبير”: “أرحب بتعيين الزميل العزيز، ابن منطقتي كسروان الفتوح، جورج قرداحي وزيراً للإعلام، وتجمعنا علاقة محبة منذ القدم، على الرغم من انه امضى شطرا كبيرا من حياته المهنية خارج لبنان.
اعتقد أن تسميته وزيرا للاعلام جاءت في مكانها المناسب، فهو ابن المهنة ويعلم شعابها تماما، ويعرف جيدا مشاكل الزملاء الصحافيين والاعلاميين ومعاناتهم، ويدرك جيدا ان الاعلام اللبناني بحاجة الى تحديث وتطوير وتفعيل، وهو بما لديه من خبرة واطلاع سيقوم بما يستطيع ان يقوم به في هذه المرحلة الدقيقة والصعبة من تاريخ لبنان، نحن سنكون الى جانبه في اي مساعدة يحتاجها”.
أبي نجم: قرداحي دعائي وليس إعلامياً
أما الصحافي طوني أبي نجم فاعتبر انهم فضّلوا اليوم تعيين وزير بشار الأسد في وزارة الاعلام بدلا من عميد كلية الاعلام السابق الذي عيّن وزيراً للشباب والرياضة جورج كلاس.
واوضح أبي نجم: “لسوء الحظ لا نعلم ماذا يمكن ان يفعل جورج قرداحي؟ فهو يقوم بدعاية تسويقية لاحدى الشركات المالية التي عليها علامات استفهام وكانت معاقبة في الامارات، يقبض مقابل التسويق وهذا عمله.
وهو معروف بشخصيته الدعائية وليس الاعلامية، عمله الترويج والدعاية لشيء معين، وبهذه الخلفية تم الاتيان به، فلا علاقة لوصوله بمنطق الاختصاص، انما الهدف الترويج لموضوع العلاقة مع بشار الأسد”.
واضاف: “أخاف من أن يكون تلقى دعما ماديا كي يأتي وزيرا للاعلام، ويسوّق للعلاقة مع الأسد ولكل نظريات محور الممانعة، فهذه حكومة من نوع مختلف، محاصصة حتى داخل 8 آذار بمكوّناتها البعثية الأسدية والايرانية، وبالتالي يجب مراقبة الأداء على طاولة مجلس الوزراء، وكيف ستتبدّل التوازنات بحسب الملفات. فالبعض كان يعتبر قرداحي محسوباً على الوطني الحر، لانه كان يمجد ميشال عون كثيرا، واليوم أتى كممثل للمردة، ونتكلم عن نفس الشخص. هل يمكن تخيل حجم الاستخفاف بعقول اللبنانيين؟ ليس الخوف ممن سيربح المليون انما بالخسارة نتيجة أدائه، ومن الواضح انه سيكون مستشاره الأول جميل السيد، والذي سيفرض عليه كل ما يحبذ، فولاؤه واضح ولا يقبل اي شك، والموضوع محسوم”.
أبو فاضل: قرداحي من رحم الممانعة
الصحافي سيمون أبو فاضل قال عن تعيين قرداحي: “البلد كله اصبح داخل محور الممانعة، وتحت تأثيرها، فرئيس الجمهورية عون حليف بشار الأسد، ورئيس كتلة المردة الذي سمى جورج قرداحي حليفه الأسد، وقرداحي أتى من رحم هذه التركيبة، ويُعتبر صديق الأسد، ويجب أن يؤثر هذا الموضوع في الاعلام اللبناني وفي وزارة الاعلام تحديدا، فيجب مراقبة كيف سيمارس تأثيره كوزير في شق الاخبار، واذا كان سيتدخل بسياسة المؤسسات الاعلامية وتوجهاتها، ام سيكون دوره مهنيا وسيترك أثرا في تنظيم الاعلام وسيطرح قوانين إيجابية تُنصف المؤسسات الاعلامية والعاملين فيها، وهنا المعيار الأهم ممارسته الوزارية من دون أي تأثير معنوي او انحياز يؤدي الى ضرب القطاع أكثر مما هو مصاب، لكن في الوقت عينه لا يمكن تناسي أنه محترف ومخضرم في الاعلام”.
ليس موقفاً متسرعاً من قرداحي، لكنه أشبه بتنبيه بأن الاعلاميين فتحوا دفتر الفواتير وينتظرون وزيراً من المفترض أنه يمثلهم عند أول إستحقاق.