في دولة القانون وزير اللاعدالة يحكم

17 يوليو 2022
في دولة القانون وزير اللاعدالة يحكم
حسين زياد منصور
حسين زياد منصور

يبدو أن العلاقة بين “التيار الوطني الحر” والمدير العام لادارة المناقصات جان العلية وصلت الى مرحلة الانفجار الكبير، خاصة بعد فضح ممارسات وتجاوزات بعض الوزراء المحسوبين على التيار في ملفات مرتبطة بتلزيمات وزارة الطاقة والمساحات المخصصة للبيع في مطار رفيق الحريري الدولي، والذين بدورهم لم ينفكوا عن مضايقته وانتقاده بصورة دائمة منذ سنوات.

يوم الثلاثاء المقبل سيمثل العلية أمام محكمة التمييز في بيروت إثر إخبار بحقه على خلفية ما أدلى به خلال مؤتمر صحافي عقده بعد صدور قرار لمجلس شورى الدولة بإبطال مزايدة السوق الحرة بعد مرور ٥ سنوات على إجرائها، الى جانب تحميله مسؤولية اجراء مزايدات تفتقر الى المنافسة والشفافية، واعتبر مجلس الشورى وجود إساءة بحقه في المؤتمر.

يرى العلية في حديث لموقع “لبنان الكبير” أن سياق الإخبار يندرج ضمن سلسلة إخبارات تقدم بها وزير العدل في حكومة تصريف الأعمال هنري خوري، فلم يترك مشكلة تتعلق بوجع المواطن ولم يحولها الى إخبار بحقه بدءاً من الفيول المغشوش ومعامل الطاقة وأزمة المحروقات مروراً باختفاء الأدوية ومشكلة الاتصالات، والآن بحجة التعرض للقضاء، كل ذلك لأنه رفع الصوت في ١٦ حزيران في وجه من يلحق الضرر بما تبقى من المال العام.

ويضيف: “لا أجد أحداً أكثر مني حرصاً على قيام القضاء بكامل دوره بصورة مستقلة بعيداً عن أي تدخل. وللأسف الوزير هو ممن يستخدمون القضاء لتخويف من يدافع عن المال العام وترهيبه”.

وعن توقيت الإخبار، يقول العلية: “في ١٤ تموز، اليوم المفترض لإجراء المزايدة بخصوص السوق الحرة، ساهم قرار مجلس شورى الدولة في تعطيلها، الى جانب تاريخ ١٩ تموز موعد بدء نفاذ قانون الشراء العام، قد تكون رسالة يوجهها معالي الوزير الى الشركات والمستثمرين في لبنان أنهم يريدون قضاء على مزاجهم، يريدونه أداة لتخويف وترهيب من يريد أن يعبّر عن رأيه في لبنان ومن يدافع عما تبقى من المال العام”.

ويشير الى أن “معالي الوزير لجأ الى القضاء الجزائي، وفي حال وجود جريمة من خلال المؤتمر الصحافي، كان من المفترض أن يلجأ الى المحاكم التأديبية والمسلكية أو كان بإمكانه اللجوء الى محكمة المطبوعات، لكن ليؤكد معالي الوزير الغاية من إخباره وهي الترهيب والتخوين والتخويف، أقام الدليل بنفسه أنه يريد ذلك لكل من يدافع عن المال العام فقدم الاخبار أمام النيابة العامة التنفيذية”.

وعن مثوله أمام القضاء، يقول: “يوم الثلاثاء عند الساعة التاسعة والنصف صباحاً سيكون لي شرف المثول أمام القضاء والذهاب الى التحقيق، وانا أؤمن بدولة القانون والمؤسسات، وأتحمل واجباً وطنياً كبيراً بالحديث عن الأسباب الحقيقية التي لا علاقة لها بسمعة القضاء بل تشوهها وتسيء اليها”.

ويتابع: “علينا أن نترك الأمور كي تأخذ مجراها طالما أننا في دولة القانون وإن كان بالمصادفة اليوم وزير العدل يقوم بهذا التصرف الذي أعتقد أنه لم يحصل في أي زمن غابر، مع العلم أن أسلوب الترهيب هذا لن يؤدي الى أي نتيجة بل على العكس مردوده سيكون الكشف عن المتطاولين على المال العام”.

ويعتبر العلية أن “من الجيد لجوء الوزير الى القضاء، كي يعرف الجميع من تلاحق هذه السلطة، فوزير العدل الذي من المفترض أن يمثل العدالة، انتهز فرصة لملاحقة المدير العام لادارة المناقصات، الادارة الوحيدة تقريباً التي قامت بواجبها على أكمل وجه في جميع الصفقات والتي لم تنحز الى أي جهة كانت، وكأنه يقول للرأي العام هذه عدالتنا نلاحق من يطبق القانون، هذه شكوانا والعنصر المادي للجريمة هو المؤتمر الصحافي والعنصر المعنوي هو الدفاع عن المال العام، يحاول بفعل صغير لم يحصل فيه ذم وقدح أن يخفي أفعالاً كثيرة سيتم التقدم بشأنها عن طريق المستندات اللازمة الى القضاء”.

وعن الإساءة الى القضاء، يؤكد أن “لا وجود للقدح والذم في ما قلته ولم أتعرض للقضاء أثناء قيامه بدوره، وأنا أحرص الناس على ألا توجه أي تعليمات الى القضاء من كهوف مظلمة. ان من يوجه التعليمات الى القضاء هو من يسيء اليه، وهو نفسه من يسعى الى استعمال دور القضاء المقدس في الدفاع عن الحقوق وحرية الرأي والتعبير المقدسة في الدستور، في كم الأفواه لكل من يريد فضح المستور من فساد وتجاوزات، هذه هي المعادلة التي يفرضها معالي وزير العدل”.

ويضيف: “لاموني للجوئي الى الاعلام، وأنا قمت بالرد عليهم من خلال الاعلام لأنهم يخافون ظهور الحقيقة، وهم من تناولوا إدارة المناقصة في الاعلام، فالمراسلة الادارية التي سأرسلها أعلم أن مصيرها سيكون في الدرج، وحذرتهم من النصف مليار دولار التي ستترتب على الخزينة نتيجة قرار خاطئ وليس قاضياً خاطئاً وليتفضلوا بإعادة المحاكمة. أين هي الاساءة الى القرارات القضائية؟ فأنا من طلبت أن تتم إعادة المحاكمة كي لا يصبح القرار نافذاً ويرتب أعباء على الدولة. ان ما أنتقده ليس القضاء، بل أشخاص نافذون يوجهون التعليمات وهناك من يستمع اليهم مع الأسف”.

ويشدد العلية من “لبنان الكبير” على “أننا مع استقلالية القضاء وضد التدخل فيه، ومنذ العام ٢٠١٧ وأنا أحذر مما يجري بسبب ممارساتهم في سبيل رفع شعار دولة القانون والمؤسسات والقضاء هو أهم أركانها، وأسمى من أن يتم استخدامه، لكن هناك من يستخدم البعض للترهيب”.

ويوضح أن “قانون الشراء العام يجعل الإفصاح عن الصفقات موجباً ويلزم باعتماد بالشفافية، هذا القانون يصبح نافذاً في ٢٩-٧، ولم يتمكنوا من معارضته علناً في مجلس النواب. وبما أنني سأكون رئيساً للجنة الشراء العام، فأفضل وسيلة للتشكيك في هذه اللجنة والقانون هي الهجوم على جان العلية، لكنني سأبقى جاهزاً لأي تجاوز كما أنا في إدارة المناقصات”، مشيراً الى “أنني لا أنتمي الى أي فريق سياسي، وممنوع أن أتلون بأي اتجاه طالما أنا في خدمة المؤسسات العامة، بل أنا وطني وسأحارب كل من يتطاول على المال العام أياً كان موقعه”.

ويختم العلية: “يوم الثلاثاء سيعرفون أن أسلوب التخويف والتخوين والترهيب لا ينفع مع جان العلية، لأنني منذ التسعينيات في الوظيفة العامة ولم أتلق أي أوامر سوى من القانون، وعليهم أن يعرفوا أن من يطبق القانون يخيف ولا يخاف، وعلى من يخالف القانون أن يخاف، ونعم للقضاء”.

المصدر لبنان الكبير