أسابيع قليلة وينتهي عهد رئيس الجمهورية ميشال عون، ما يعني أنّ الخلاص من هرطقات العهد الفاشل بات قريباً جداً. لكن ماذا بعد إنتهاء ولاية عون؟ ماذا لو ذهب لبنان إلى فراغ رئاسي كذلك الذي شهدناه في 2014 – 2016؟ هذا الاحتمال لا يزال غير مستبعد، وماذا عن تشكيل الحكومة؟ كل الاجابات تبقى معلّقة إلى حين توافق الأطراف السياسية مع بعضها البعض على حساب المواطن اللبناني.
ومن الآن حتى تشكيل الحكومة وإنتخاب رئيس للجمهورية، على البلد السلام… رفع تام للدعم عن كل شيء، أزمة خبز، ومحروقات، وأدوية، وإتصالات، وطوابير ذل… تدافع وتضارب للحصول على كسرة خبز أو قطرة بنزين أو ظرف دواء… هذا هو حال اللبناني اليوم.
منذ العام 2019 حتى اليوم، يعيش لبنان في مستنقع من الأزمات والمآسي، ويبقى التلاعب بالشعب قاعدة ثابتة لا تتغير لدى الطبقة الحاكمة. لكن بتنا نرى اليوم أنّ هذا الشعب هو من يجب أن يتحمل مسؤولية القبول بالتلاعب به، فتارة يفضّل السكوت عن الظلم الذي يتعرّض له، وتارة أخرى يحوّل المآسي الى حفلة يرقص فيها على أوجاعه.
إنتفاضة تشرين 2019 لم تكن سوى تفريغ غضب لكن يبقى السؤال: أين الثورة الحقيقية؟ أين التغيير؟ لم يعد بإمكاننا القول إنّ الشعب اللبناني يحب الحياة والفرح، بل بات من السخافة أن يصل إلى مرحلة يرقص في الطوابير كالمذلول، ويتوسّل لاحقاً للحصول على أهم موارد الحياة ويدفع ثمنها 10 أضعاف. وفيما الطبقة الحاكمة تمعن في فحشها يبقى الشعب اللبناني عنيداً، ليس في تخطّي الأزمات، بل في عدم الخروج من تلك القوقعة التي عاش فيها 30 سنة و”الخير لقدام”.
يشير التقرير الصادر عن معهد التمويل الدولي والذي يحذر من تحول لبنان إلى دولة فاشلة، الى أنّ لبنان دخل دوامة الفشل بعد الأزمة المالية العامة التي اندلعت في العام 2019 ولم يخرج منها حتى الآن. وفي آذار 2020 توقف البلد عن سداد مستحقات ديونه السيادية، لأن المصرف المركزي لم يجد في احتياطاته ما يكفي لسداد تلك المستحقات، كما لم يجد مالاً لسداد تكاليف الكهرباء والدعم ومصاريف الحكومة. وكان ذلك بمثابة أول إعلان بأن لبنان في طريقه ليصبح “دولة فاشلة”. وزاد الفشل بانفجار مرفأ بيروت في آب ذلك العام، ليلحق ذلك إستقالة حسان دياب، وحتى اليوم لم يتم كشف أي شيء عن تحقيق المرفأ.
وماذا بعد الانتخابات النيابية؟ لم تكن الانتخابات سوى ذريعة إضافية لازدياد الفشل. ولم ينجح النواب سوى في أكل بعضهم البعض داخل الجلسات، وكل الوعود التي طرحت قبل ذلك، ذهبت سدى بعد ضمان كل منهم كرسيّه.
مع مضي الوقت، احتياطات المصرف المركزي تنضب. وهو ما أقنع معهد التمويل الدولي بأن لبنان معرض للتفكك لأن عدم تشكيل الحكومة يعني عدم تنفيذ الإصلاحات، وبالتالي عدم مجيء حزمة صندوق النقد.
وينبّه المعهد على أنّ “عدم قيام الحكومة بتطبيق الاصلاحات المطلوبة سيؤدي إلى إلغاء الاتفاق مع صندوق النقد، وسيتسبب باستنزاف احتياطات مصرف لبنان، وبارتفاع نسبة الدين إلى ما يفوق 200% من الناتج المحلي. وبالتالي سيتم تصنيف لبنان دولة فاشلة كما هي حالة فنزويلا والصومال وسيريلانكا مؤخراً”.