باسيل وسياسة نبش القبور… بطولات أسطورية ووعود وهمية

15 مارس 2022
باسيل وسياسة نبش القبور… بطولات أسطورية ووعود وهمية
هيام طوق
هيام طوق

من المتعارف عليه أنه قبل الاستحقاقات الدستورية وخاصة النيابية منها، تعلو أصوات رؤساء الأحزاب والتيارات والمرشحين لتصل الى أعلى مستوياتها حدة، وذلك يأتي ضمن العدة الانتخابية لتجييش الناس وتشجيعهم على الاقبال نحو صناديق الاقتراع، لكن ذلك يبقى تحت سقف الاحترام واللياقة الخطابية بعيداً من لغة التخوين والاتهام بالعمالة.

ولكن على ما يبدو، فإن النائب جبران باسيل انطلق من قاعدة “الضرورات تبيح المحظورات” في كلمته خلال إطلاق “التيار الوطني الحر”، مؤتمره الوطني السابع وإعلان مرشحيه.

وإذا كانت العفة خلقاً إيمانياً رفيعاً للمؤمن، وانتصاراً على النفس والشهوات وغرساً للفضائل والمحاسن في المجتمعات، فإن ما ورد على لسان باسيل هو العفة بعينها، واستحق معها عن جدارة لقب “العفيف”.

وإذا كانت البراءة والطهارة تعني السلامة من العيب، فإن باسيل بمواقفه وتصريحاته التي تتسم بالوداعة، استحق لقب “الحمل الوديع”.

عشية ذكرى 14 آذار 2005، شنّ باسيل هجوماً عنيفاً على كل الأطراف باستثناء “يلّي مدّ إلنا إيده للتحالف الانتخابي”، ولمَ لا فهو يجسد “14 آذار الأصلية الصادقة” مقابل “14 آذار 2005 المزورة الكاذبة، والثورة الصادقة مقابل ثورة 17 تشرين الكاذبة، والنموذج اللبناني الوطني مقابل النموذج اللبناني العميل، فصمدت 14 آذار الصادقة وسقطت 14 آذار الكاذبة تماماً كما نحن الثورة الصادقة نصمد ونبقى وهم الثورة الكاذبة ويسقطون”.

خطاب لم ير فيه كثيرون أي جديد لأنهم اعتادوا على هذا النمط من الكلام الذي لا يستدعي الرد خاصة وأن اللبنانيين يعرفون النائب باسيل وحفظوه عن ظهر قلب، ومثل هذه المواقف لم تعد تقنع أحداً بل تزيد من النقمة الشعبية عليه لأنه بدا كالحمل الوديع المحارب من الجميع، والمنقذ الأسطوري الذي رفع شعار” ما خلونا” في ادارة البلد مما عرقل وضعه على سكة “الاصلاح والتغيير”، كما أن أداءه السياسي منذ سنوات كان خالياً من أي عيب أو شائبة ولا سيما مع الشركاء في البلد الذين حوّلهم بكبسة خطاب انتخابي الى حزب كبير “هو حزب الفساد مثل الحرباية.

المتلوّنون تنعّموا بالمكتسبات في زمن الوصاية وعندما انتهى بدّلوا جلدهم وركبوا موجة الحرية ورفضوا بعدها التنازل عن مكتسباتهم وفشّلوا الإصلاح وسبّبوا الانهيار في 17 تشرين”.

وتوعد “حزب الحرباية وثورة 17 تشرين الكاذبة بأنهم حتى لو ربحوا الانتخابات وأصبحوا الأكثرية الوهمية، فستبقى هذه الأكثرية عاجزة عن نزع سلاح حزب الله أو منعه من الدخول إلى الحكومة”.

أما من قرأ كلمة باسيل وتمعن بين سطورها، فرأى فيها مواقف تدل على ضعف، وما الاتهامات العشوائية سوى القشة التي يتمسك بها للعوم من الغرق، وورقة التوت التي تغطي الفشل في الادارة وفي السلطة عله يحافظ على من تبقى من مناصري التيار.

فرنجية: الضعيف يناسبه تظهير القوة

لم يشأ النائب طوني فرنجية التعليق على كلام النائب باسيل، مكتفياً بالقول: “عندما يكون الشخص في موقع ضعف يناسبه تظهير القوة.

في خطاب النائب باسيل كان يظهر قوة ولكن هل هذه القوة مبنية على أرض صلبة أو أنها جزء من استراتيجية اعلامية للحملة الانتخابية؟ أنا رأيي مع الخيار الثاني وليس الأول”.

حمادة: نبش القبور يقوم به رواد المقابر

وقال النائب المستقيل مروان حمادة: “لم يفاجئني الكلام الصادر عن السيد باسيل بمناسبة اعلانه مرشحي تياره غير الحر. في كل الحالات وضع هذا الكلام تحت مظلة شعار حرب التحرير ينذر بمزيد من المآسي التي يتوعدنا بها هذا التيار والذي حقق القسم الأكبر من مساوئه ودفع لبنان الى جهنم التي نحن فيها”.

أضاف: “أن يقلب الحقائق رأساً على عقب ليس أسلوباً جديداً عنده وعند عمه وأركانه.

التحالف مع حزب الله يكشف للقاصي والداني أن من يتباهى بحليفه الوحيد الباقي بعد أن طعن بكل مكونات 14 آذار الواحد تلو الآخر خصوصاً ارث الرئيس الشهيد رفيق الحريري وكامل القوى المناضلة حزبية كانت أو تغييرية، أن هذا الادعاء وهذا التباهي لا يشرّفان حملته الانتخابية ثم (ما بيطلعلو) لجبران باسيل هذه الأقوال وهذه الادعاءات التي ربما كانت تخدع بعض اللبنانيين الطيبين الذين وقعوا أسرى ضلال بعبدا الثمانينيات.

(ما بيطلعلو) بل على العكس يطبق عليه شعار اذا كلن يعني كلن فهو أولهم وأبرزهم وربما وحيدهم”.

وأشار الى أن “النائب باسيل تحدث من موقع ضعف وتحالفه مع حزب الله دليل اضافي على الضعف. أن يضطر الى أن يدعي وراثة شعارات ميشال عون السيادية وأن يستسلم كلياً لمن احتل البلد وأفلسه ليس دليل قوة بل على العكس. ونبش القبور عموماً يقوم به رواد المقابر”.

حنكش: مواقف سريالية لشد العزيمة

رأى النائب المستقيل الياس حنكش أن “الرد على رئيس أكبر كتلة نيابية لم يعد ينفع لأنه فقد الصدقية. والخطاب الذي أدلى به موجه الى المناصرين أو من تبقى منهم ليشد عزيمتهم كي يستمروا في تأييده لأن غالبيتهم فقدت الثقة به”.

واعتبر أن “هذه المواقف بدت سريالية، وأعتقد أنه هو لا يصدق ما يقول. وجاء في خطابه الكثير من التناقضات في موضوع التحالفات والهجوم على الآخرين إلا أن الفاضح في الأمر أن لديه أكبر كتلة نيابية ومعه رئاسة الجمهورية، وعنده كل شيء في السلطة وفي كل المراكز، ولم يحقق شيئاً ليعود ويكرر خطاب الانتخابات الماضية لشد العصب”.

ولفت الى أن “الناس أعطت فرصة للتيار الوطني الحر، لكنهم خذلوا على المستويات كافة. وليس أمام التيار الآن سوى الحفاظ على من بقي معهم”.

سكاف: صدقوا بوعدهم ايصالنا الى جهنم

أشار الناشط السياسي سمير سكاف الى أن “النائب باسيل يعتبر أن الثورة كاذبة، ونحن نقول له ان وعدهم كان صادقاً في ايصال البلد الى جهنم”، لافتاً الى أنه “يحمّل كل الناس سوء ادارته وسوء الأمانة، فهو خلال 15 عاماً في وزارة الطاقة أهدر مليارات الدولارات.

وفي وزارة الاتصالات، أوصل البلد الى الخراب. وفي وزارة الخارجية لم يبق صاحب للبنان. الدولار في هذا العهد ارتفع 20 ضعفاً، فاستحقوا عن جدارة علامة الصفر وما دون في الوزارات التي تسلموها”.

واعتبر أن “كلام باسيل يأتي في اطار شد العصب الانتخابي، ولا أدري ان كان هناك من يصدق الوعود الكاذبة التي أطلقها، هو الذي أمضى سنوات طويلة في السلطة ورأينا الأداء والنتائج. أوصلوا البلد الى انحطاط لا سابق له منذ أيام المجاعة في الحرب العالمية الأولى”، مشدداً على أنه “لولا تحالف التيار مع حزب الله وحركة أمل لكان خسر الكثير في الانتخابات النيابية المقبلة”.

المصدر لبنان الكبير