قانون الشراء العام… الاتكال على الأيدي النظيفة

1 أغسطس 2022
قانون الشراء العام… الاتكال على الأيدي النظيفة
 حسين زياد منصور
حسين زياد منصور

بعد ١٢ شهراً على إقراره ونشره في الجريدة الرسمية دخل قانون الشراء العام حيز التنفيذ، وبذلك تحولت إدارة المناقصات الى هيئة الشراء العام وأصبح جان العلية المدير العام لإدارة المناقصات رئيس هيئة الشراء العام وسط امتعاض سياسي من بعض الجهات خاصة بعد مثوله أمام محكمة التمييز في بيروت قبل أسبوعين.

على أمل التقليل من الفساد المستشري، جاء هذا القانون ليعلن عن ولادة جديدة لنظام الشراء والصفقات العمومية، ويعوّل الجميع على هذه الخطوة لاسيما بعد اعتبار الجهات الدولية والمانحة إقرار القانون إنجازاً اصلاحياً يخضع أي جهة كانت أرادت صرف جزء من المال العام لإشرافه، حتى عمليات الشراء التي يجريها مصرف لبنان ويستثنى من ذلك إصدار النقد وطباعته.

لا يمكن إنكار أهمية هذا القانون الذي يعتبره البعض بداية الطريق السليم للوصول الى الدولة النزيهة والعادلة، لكن من جهة أخرى له سلبيات وعوائق في التنفيذ.

أعد المحامي نزار صاغية والباحث عماد صائغ (المفكرة القانونية) مناقشة لأحكام هذا القانون، في ايجابياته وسلبياته، ومدى ملاءمته للوضع اللبناني، ومن الناحية السلبية والصعوبات التي يواجهها القانون نذكر:

“إنّ نجاحه في الحدّ من الفساد وترشيد الإنفاق العام يبقى مهدداً بعاملين أساسيين: أوّلاً، المجال الواسع الذي تشمله السرّية بما يناقض مبدأ الشفافية ويوسّع مجالات الحدّ من فعالية الرقابة عليها. وثانياً، الهامش المتروك للسلطة التنفيذية في التأثير على أداء المؤسّسات المُنشأة لتطبيق هذا القانون من خلال لعبة التّعيينات التي غالباً ما تتمّ وفق المحاصصة، أي وفق المعادلة نفسها التي يخضع لها اقتسام صفقات الشراء العامّ أو أيضاً من خلال الخلل المؤسّساتي سواء في الإدارات العامّة أو القضاء”.

ويشير الباحثان صاغية وصائغ الى الجوانب التي تهدد الرقابة والشفافية والنزاهة في تطبيق القانون بعدة نقاط:

– السّرية التي تنهش مبدأ الشفافية، اذ يسمح القانون بسريّة المعلومات في خمس حالات، منها ما هو اعتيادي ومنها ما يفتح هامشاً واسعاً أمام الحدّ من الشفافية.

– حوكمة الشراء العام رهن المحاصصة وإصلاح المؤسّسات الإدارية والقضائية، على الرغم من أهمية إنشاء هيئة الشراء العام وهيئة الاعتراضات يبقى السؤال مطروحاً حول قدرتِهما على التّحرّر من الهيمنة السياسية ومنطق المُحاصصة السّائدين في القطاع العام، وهو شرط لنجاحِهما في أعمال الرقابة المركزية وتالياً في ضمان تحقيق القانون أهدافه المعلنة. وفي حين يتبيّن من النص القانوني مسعى واضح لتطوير آلية التعيينات في هاتيْن الهيئتيْن تفادياً للمحاصصة، فإنّ مخاطر المُحاصصة في التعيينات تبقى قائمة، وخاصّة في إثر القرار5/2021 الصادر عن المجلس الدستوري بتاريخ 17 أيلول 2021 ومسّت بالعديد من الضمانات المتعلّقة بتعيين أعضاء الهيئتين.

أخيراً، يبقى أن نجاح التصور يتوقّف على أمرين متكاملين: غلبة حسن النيّة والكفاءة لدى الادارات الشارية والتي يتعيّن عليها القيام بإجراءات الشراء بنفسها بحجة أنها الأعلم بحاجاتها، وقوة النظام الرقابي والقضائي وقدرته على التصدّي للتعسّف والمُخالفات الحاصلة في مجال الشراء العامّ.

اما جان العلية فيعرف الشراء العام بأنه “كل ما تحتاجه الدولة للقيام بأعمالها لتسيير المرافق العامة، وقانون الشراء العام ككل هو مجرد نصوص قانونية تقوم هيئة الشراء العام بالرقابة عليه، فالقانون كالهيكل والهيئة كالحارس، الهيكل سليم لكن على الحارس البقاء واعياً كي لا يعبث به أحد. ما يحصل الآن يسجل في التاريخ اللبناني، فالهيئة تراقب كل ما يتعلق بإنفاق المال العام ويخضع لها، والمهم أن تقوم بدورها”.

وبالنسبة الى فريق العمل، يقول: “أصبحنا شبه جاهزين، هناك دعم تقني من الدولة الفرنسية، وخضع الموظفون ضمن الإدارة اللبنانية للتدريب ضمن معهد باسل فليحان الى جانب فريق يعنى بالشأن الإلكتروني من وزارة التنمية وطلبت بصورة رسمية من الوزيرة نجلا الرياشي أن يلتحقوا بهيئة الشراء، من خلال كل هذه المقومات يمكننا البدء تدريجياً بالعمل الصحيح والسليم وأعتقد أنه خلال الشهرين المقبلين ستكون الصورة أوضح وسيلاحظ الرأي العام الفرق بسبب دور هيئة الشراء العام، وسنصارح الشعب اللبناني بأمثلة حية وواقعية لما سنقوم به”.

وعن المعوقات، يؤكد أن “لا وجود لمعوقات على مستوى الادارات العامة، اما على صعيد البلديات الصغيرة فهناك بعض المشكلات، اذ لا يوجد موظفون فئة ثالثة في بعض البلديات الصغيرة ونعمل على حلول لذلك في الأيام المقبلة من أجل تسهيل تطبيق القانون”.

ويضيف: “أنا حالياً رئيس بحكم القانون، ولكن مؤقت بسبب اللجوء الى المجلس الدستوري، الا أنه بحكم القانون يتمتع رئيس هيئة الشراء العام بحصانات. ومن اليوم الى حين تعيين الأعضاء الأربعة من قبل مجلس الوزراء بحسب القانون سيقوم الرئيس بمهام الأعضاء لذلك لن يكون هناك فراغ في الإدارة، ولن يشكل موضوع غياب الأعضاء حجة لعدم تطبيق القانون فلدينا جهاز عمل قادر على القيام بالمهام المطلوبة”.

ويشدد على أن “أي تعيين يقوم على اعتبارات المحاصصة والطائفية تدمير لمؤسسات البلاد ويجب احترام المعايير التي حددها القانون بخصوص المراتب والنجاح ضمن مراعاة التمثيل الطائفي”.

المصدر لبنان الكبير