منذ سنوات تنشط حركة التهريب من لبنان الى سوريا وبالعكس عبر المعابر غير الشرعية العديدة وأهمها تلك المتواجدة في البقاع، ولاسيما في منطقة نحلة والهرمل الى عرسال وغيرها… فقرب هذه المناطق من الحدود السورية سهلت عملية التهريب الى جانب الأمور السياسية والمناطق المحمية من عناصر تابعة لأحزاب معينة تسهل وتسرّع عملية الدخول من سوريا واليها.
كما أن سرقة السيارات وإدخالها الى سوريا وخصوصاً من نوع “كيا” برزت بصورة متواصلة في فترة محددة من هذا العام. اما بالنسبة الى المواد التي تهرب فتتمثل بصورة كبيرة في المحروقات بمختلف أنواعها وخصوصاً مع بداية العام الماضي، اضافة الى التبغ والتنباك والطحين والمواد الغذائية الأخرى.
ومع أزمة إنقطاع الأدوية ورفع الدعم عنها، شهدنا موجة كبيرة من تهريب الأدوية السورية والايرانية وأيضاً التركية الى لبنان. فماذا يحدث في المعابر غير الشرعية؟ وهل التهريب في ازدياد مستمر كما يحكى؟
منذ أحداث عرسال في العام 2014 وظهور المسلحين وما عاشته المنطقة، فرض الجيش طوقاً أمنياً حولها وباتت هناك مراكز مراقبة ودوريات شبه دائمة على الحدود السورية، وفي الجانب الآخر الجيش السوري لديه حواجز ومراكز عسكرية مهمة ونسمع بوجود الفرقة الرابعة على الحدود، وكل هذا جعل من عملية التهريب اليوم صعبة وضئيلة.
اما في الفترات الماضية فكانت الطرقات سهلة والمازوت يهرّب بكميات كبيرة، بحسب ما أوضح منسق تيار “المستقبل” في عرسال خالد الرفاعي، الذي قال لموقع “لبنان الكبير”: “ان التهريب اليوم في حال حدوثه فسيكون قليلاً وغير واسع، اما في المناطق الخاضعة لسيطرة حزب الله تحديداً كالهرمل، ونحلة وغيرها فلا أدرك جيداً ما يحدث ولكننا نسمع أنها طرقات مفتوحة ولكن لا تفاصيل عن الموضوع. وبالتالي في حال حدوث عمليات التهريب، فالمنافذ ليست عبر عرسال”.
وأشار الرفاعي الى أن “الخطة بين وزارتي الاقتصاد والداخلية في خصوص توزيع الطحين على الأفران، أسفرت عن تراجع عمليات التهريب وشهدنا إنفراجاً واضحاً وضُبطت الأجواء كما نأمل في إستمرارها”، مطالباً الجهات الأمنية والمعنية بـ “عدم التساهل في هذا الموضوع الذي يمس بلقمة عيش المواطنين وحقوقهم”.
أما عمليات تهريب التبغ والتنباك فبدأت تتراجع عندما بدأ الدولار بالارتفاع، بحسب ما أكدت مصادر مطلعة، لافتة الى أن “التهريب يدخل عادة من سوريا الى لبنان، وفي سوريا أصبح يتوجب على المهرب الدفع بالفريش دولار وبالتالي باتت أغلى من الصنف المحلي، والحال نفسه في المعابر الشرعية وغير الشرعية. وكل ما يحكى عن تزايد أعداد عمليات التهريب المتعلق بالتبغ والتنباك مبالغ بها”.
وفي موضوع المحروقات، لا يخلو الأمر من التهريب عموماً ولكن الكميات كانت أكبر في بداية العام وبدأت تتراجع بصورة ملحوظة، كما أشارت أوساط مطلعة لأن “سعر البنزين في سوريا إرتفع ولكن يوجد صنفان هناك، 90 أوكتان أي المدعوم ويوزع على المستهلك السوري حصراً وتم تسعيره بـ 2500 ليرة سورية أي ما يقارب 12.50 دولاراً، وبالتالي هذا الصنف أرخص من السعر اللبناني. اما النوع الثاني 95 أوكتان غير المدعوم فتم تسعيره بـ 4500 ليرة سورية أي 22.50 دولاراً. وفي لبنان تنكة البنزين بحدود 20.50 دولاراً والفارق بيننا وبين سوريا قليل وبالتالي (ما بيحرز) التهريب”.
اما بالنسبة الى حقن البوتوكس والفيلر وأدوات التجميل، فأشارت مصادر مطلعة على هذا الموضوع الى “إرتفاع التهريب من سوريا الى لبنان والعكس صحيح، ويسلك المعابر غير الشرعية نتيجة إرتفاع الأسعار المحلية والتي يتم إستيرادها عادةً من الخارج وتحديداً فرنسا. وبدأنا نشهد غزواً من أدوات التجميل السورية للسوق اللبنانية وعيادات الأطباء”.
وكان نقيب صيادلة لبنان جو سلوم شكا في وقت سابق من عمليات تهريب الدواء السوري الى لبنان، وتهريب أصناف من الأدوية من لبنان الى سوريا.
يتضح من كل ذلك أن عمليات التهريب لم تعد بالزخم الذي كانت عليه في السابق كما يحكى، ولكن المؤكد أنها لم ولن تتوقف فهي ليست وليدة الساعة بل مشكلة مزمنة تعود جذورها الى عشرات السنين، ويجب ضبط الحدود ووقف الفلتان عليها وإقفال كل المعابر غير الشرعية، لأن “حاميها حراميها”.