سادت حالة من الحزن داخل قرية تلبانة بمحافظة الدقهلية في مصر، بعد فقدان 11 شابا من أبناء المنطقة، من جراء غرق قاربهم في البحر الأبيض المتوسط خلال رحلة هجرة غير شرعية إلى ليبيا.
ويعيش رضا السلاموني، الذي لم يعثر على ابنه المفقود حتى الآن، في عذاب منذ علم بغرق المركب قبل وصوله إلى سواحل ليبيا. ويقول عن ذلك لموقع “سكاي نيوز عربية”: “نيران القلق في قلبي لا تهدأ، لا أعرف مصير ابني حتى الآن، هناك رسائل تأتي من ليبيا تتحدث عن وفاته وأخرى تؤكد خروجه من البحر على قيد الحياة”.
وألقت قوات الأمن المصرية القبض على سائق من قرية تلبانة بتهمة تسهيل سفر العشرات من الشباب إلى ليبيا بطريقة غير شرعية بعد استلام مبالغ مالية من كل شخص تصل إلى 30 ألف جنيه، حيث أفادت التحقيقات بأن المتهم شقيق سمسار مصري موجود في ليبيا.
كان السلاموني قد حاول منع نجله محمد من الذهاب إلى تلك الرحلة المحفوفة بالمخاطر، كما يؤكد لموقع “سكاي نيوز عربية”، لكن الشاب الثلاثيني لم يستمع لنصيحته، وأراد الذهاب رفقة زملائه نحو ليبيا ومنها إلى إيطاليا، رغم عدم الحاجة الماسة إلى المال.
“ظروف غير قهرية”
ويضيف السلاموني، “عائلتي ميسورة الحال، نمتلك منزلا كبيرا وقطعة أرض، لكن ابني كان يطمح لتحقيق نجاح شخصي عقب وصوله إلى أوروبا، فلم يكن يدري أن رحلته ستتحول إلى مأساة”.
وخرج الشاب الثلاثيني من قريته الصغيرة بعد وداع أسرته وأطفاله الـ4 متجها إلى السلوم قبل الوصول إلى نقطة قريبة من السواحل الليبية، بمساعدة سمسار مصري يعيش في سرت، وفقا لرواية الأب، قبل أن يستقل قاربا صغيرا مع 70 شخصا. وبعد التحرك بوقت قصيرة انقلبت الأمور رأسا على عقب. ويسترسل السلاموني: “تواصلت هاتفيا مع أحد الناجين، أخبرني بما جرى داخل المركب، إذ وقع عطل مفاجئ في المحرك وتم استبداله بآخر، لكن سرعان ما توقف عن العمل. كانت الأمواج متلاطمة والأعداد كبيرة مما تسبب في اختلال توازن القارب وسقوط العشرات”.
ويتابع الأب المكلوم، “تمت أعمال إنقاذ للغرقى، وضعوا أبناء القرية على الشواطئ الليبية، تفرقت بهم السبل، ظهر منهم العشرات، فيما لا نعلم شيئا عن 11 آخرين، من بينهم نجلي. الألم يعتصر قلوبنا ونتمنى معرفة مصيرهم بدلا من السيناريوهات المرعبة التي تؤرقنا في كل لحظة”.
تفاصيل مروعة
ويتحدث المحامي علي ماهر، أحد أهالي قرية تلبانة إلى موقع “سكاي نيوز عربية”، قائلا: “فوجئنا من المعلومات الواردة إلينا من أبناء القرية في ليبيا، ممن قالوا إن السمسار طلب ألف جنيه من كل شخص لمنحهم جاكيت النجاة، ولعدم توافر الأموال تركهم يواجهون مخاطر التجربة وحدهم”.
ويضيف، “يحصل السمسار على 25 ألف جنيه مقابل نقلهم إلى ليبيا، ثم 30 ألف مرة ثانية في رحلة جديدة إلى إيطاليا، والتي يعتبرها الشباب في تلبانة أشبه ببلد الأحلام، حيث الثراء السريع من وجهة نظرهم”.
وفي وقت سابق، أطلقت وزارة الدولة والهجرة وشؤون المصريين بالخارج، فيلم توعية لمكافحة الهجرة غير الشرعية والتعريف بسبل السفر الآمن، فضلا عن إلقاء الضوء على الفرص البديلة التي توفرها الحكومة من أجل الشباب؛ من بينها العمل داخل المشروعات القومية.
ويؤكد ماهر لموقع “سكاي نيوز عربية” قيامه بإرسال مناشدات إلى المسؤولين من أجل سرعة التدخل لمساعدة الأهالي في استرجاع أبنائهم، فضلا عن الاطمئنان على المفقودين ومعرفة تفاصيل أكثر عنهم بدلا من وقوعهم فريسة للشائعات والأخبار غير المؤكدة عن وفاتهم.
ويردف المحامي الشاب لموقع “سكاي نيوز عربية”: “نتوجه غدا إلى وزارة الخارجية المصرية لتقديم تقرير شامل عن المفقودين وشباب القرية الذين انطلقوا في تلك الرحلة المشؤومة، ولدينا آمال كبيرة في الوصول إلى نتائج جيدة خلال وقت قصير”.