مسيحيو سوريا.. ماذا يقولون عن أحوالهم بعد سقوط الأسد؟

16 ديسمبر 2024
مسيحيو سوريا.. ماذا يقولون عن أحوالهم بعد سقوط الأسد؟

قالت مادلين رولي، مراسلة في قسم التحقيقات الاستقصائية، بموقع “ذا فري بريس”، إن مسيحي سوريا الذين صمدوا في بلادهم على مدار ألفي عام، يواجهون تهديدات وجودية متجددة وسط المشهد السياسي المتغير في سوريا.

 

وأضاف المراسلة في تقريرها في “ذا فري برس” المتخصص قي قضايا الحرية أن الإطاحة بنظام بشار الأسد من قبل تحالف المتمردين بقيادة أبو محمد الجولاني أطلق احتفالات واسعة النطاق بين العديد من السوريين، لكنها تركت المسيحيين وسط جو من القلق.

 

 

وينبع خوف المسيحيين في سوريا من سنوات الاضطهاد على يد فصائل متشددة وماضي زعيم هيئة تحرير الشام، محمد الجولاني الإرهابي، بوصفه تابعاً سابقاً لتنظيم القاعدة.

 

تاريخ من الاضطهاد

 

ويتذكر إلياس، وهو مسيحي سوري عمره 21 عاماً ويقيم في برلين، طفولته المروعة في ظل هجمات المتمردين المتشددين.

 

 

وغرست الأحداث المروعة، مثل الاختطاف، والضربات بطائرات دون طيار، وتدنيس الكنائس، الخوف في الأقلية المسيحية.

كان المسيحيون يعيشون في تسامح في ظل نظام الأسد، ورغم معاملتهم مواطنين من الدرجة الثانية، فقد وفر هذا الترتيب الضمني بعض الأمان.

ومع ذلك، غالباً ما استهدفت الجماعات المتمردة المتشددة، بما فيها هيئة تحرير الشام، المجتمعات المسيحية، ويثير الاستيلاء السريع على دمشق في غضون 12 يوماً فقط مخاوف من تكثيف التهميش والعنف.

 

وحاول الجولاني تقديم نفسه على أنه إصلاحي، مدعياً في مقابلات إعلامية، كما في لقائه مع شبكة “سي إن إن”، أن الأقليات ستتعايش بسلام في ظل حكومته الإسلامية. ومع ذلك، قوبلت تأكيداته بالشك، وبالنسبة لإلياس وآخرين، تظل الفظائع الماضية تذكيراً حياً بوحشية هيئة تحرير الشام.

 

ردود فعل متباينة بين اللاجئين

 

تؤكد مواقف اللاجئين السوريين هذا الانقسام، وتلاحظ الوكالات الأممية في لبنان أنه في حين يتوقع الشباب المسلمون السوريون العودة إلى ديارهم دون خوف من التجنيد القسري أو السجن تحت حكم الأسد، يظل اللاجئون المسيحيون حذرين، فيما تبقى المخاوف قائمة من أن يؤدي حكم جماعة متمردة إلى الاستبداد.

 

صورة الجولاني

 

وتتضمن جهود الجولاني لتلطيف صورته دولياً إبعاد هيئة تحرير الشام عن جذورها الإرهابية وتأكيد الالتزام بالحكم بدلاً من الحرب الأيديولوجية. ومع ذلك، لاتزال وزارة الخارجية الأمريكية والمراقبون الآخرون غير مقتنعين.

 

 

ويسلط تقرير صدر في 2023 الضوء على الممارسات القمعية لهيئة تحرير الشام في محافظة إدلب شمال سوريا، بما في ذلك الاعتقالات غير القانونية وقمع المعارضة.

 

وتزعم شخصيات مثل ريتشارد غزال، مدير منظمة الدفاع عن المسيحيين، أن على الولايات المتحدة أن تتخذ موقفاً حازماً لضمان بقاء الجولاني تحت المراقبة.

 

 

وتشكل أمثلة سابقة، مثل وعود طالبان بالإصلاح في أفغانستان، سرديات تحذير من الجماعات المتشددة التي تنكث بالتزاماتها بمجرد تراجع الاهتمام الدولي.

 

وقالت معدة التقرير  إن محنة المسيحيين في سوريا، الذين تقلص عددهم من 2.2 مليون في 2011 إلى أقل من 500 ألف اليوم، توضح موقفهم الهش.

 

 

ودعم زعماء الكنيسة الأسد تاريخياً بدافع الضرورة، لكن هذا الولاء زاد عزلة المجتمع المسيحي مع تطور الحرب الأهلية.

 

وتؤكد نينا شيا، مديرة مركز الحريات الدينية بمعهد هدسون، ضعف المسيحيين الذين يفتقرون إلى الميليشيات أو الحماة الخارجيين.

 

ورغم المخاوف، تظهر لمحات من التفاؤل الحذر، وتكشف المقابلات مع المسيحيين في حلب عن شعور مؤقت بالاستقرار مع سعي هيئة تحرير الشام إلى إظهار صورة محسنة من نظام الحكم.

 

 

ويعمل تقديم الكهرباء، والخدمات العامة على تعزيز الأمل في عودة الأمور إلى طبيعتها، رغم أن الشكوك في نوايا الجولاني تزال منتشرة على نطاق واسع.

 

 

واختتمت الكاتبة تقريرها بالقول: “مع انتقال سوريا إلى سيطرة هيئة تحرير الشام، فإن مستقبل أقليتها المسيحية معلق في الميزان. وبينما يفيد البعض بتحسن في الحياة اليومية، يلوح شبح القمع في الأفق. بالنسبة للكثيرين، يظل السؤال مطروحاً هل كانت وعود الجولاني بالتعايش المشترك قادرة على الصمود أمام ضغوط الأيديولوجيا والعداء التاريخي. وبينما ينتظر إلياس وآخرون في الظلام، فإنهم يتمسكون بالأمل الهش وسط شك شامل”. (24)