توسّعت خلال الأيام رقعة الاشتباكات التي شهدتها مناطق ذات أغلبية سكانية من الطائفة الدرزية في سوريا، لتصل إلى محافظة السويداء، وذلك بالتزامن مع انتشارٍ مسلّحٍ وتقارير عن سقوط مزيدٍ من الضحايا.
وأصدر مشايخ ووجهاء الطائفة الدرزية في سوريا بياناً على خلفية الأحداث، أكّدوا فيه رفضهم لتقسيم سوريا أو الانفصال عنها، مشدّدين على أن أبناء الطائفة “جزء لا يتجزّأ من الوطن السوري”.
وتوصّل الطرفان – ممثلو الإدارة الجديدة في سوريا وممثلون عن الطائفة الدرزية – إلى اتفاق تهدئة في جرمانا وصحنايا، لم يصمد بسبب استمرار الاشتباكات.
وشهدت محافظة السويداء أيضاً انتشاراً مسلّحاً، وتعرّض مسلّحون من أبناء الطائفة الدرزية لكمينٍ خلال توجّههم في موكبٍ لمساندة أبناء طائفتهم في صحنايا، ما أدّى إلى مقتل 35 شاباً منهم.
ودخلت إسرائيل على خط الاشتباكات في سوريا، وشنّت طائراتها غارات “على مسلحين كانوا يتحضرون للهجوم على الدروز”، في صحنايا.
وزارت عشرات الشخصيات الدرزية السورية البارزة، منطقة الجولان التي تحتلها إسرائيل، للقاء شيخ عقل الطائفة هناك، موفق طريف، في منتصف آذار 2025، في زيارة دينية هي الأولى من نوعها.
ومنذ سقوط نظام الأسد في كانون الأول 2024، أثيرت تساؤلات عدة حول مصير هذه الطائفة.
وجاءت التصريحات الإسرائيلية بشأن نية إسرائيل “الدفاع عن دروز سوريا”، إلى جانب توغل قواتها في مناطق جنوب البلاد، لتضيف مزيداً من التعقيد إلى الوضع الخاص بهذه الطائفة.
وعلى خلفية الاشتباكات الدائرة حالياً وتعليقاً على الهجوم المسلح على أبناء الساحل السوري من الطائفة العلوية في وقت سابق، كرّر شيخ عقل الطائفة الدرزية وأبرز شخصياتها في سوريا حكمت الهجري، موقفه من الإدارة الجديدة في سوريا، قائلاً “لم نعد نثق بهيئة تدعي أنها حكومة”.
ودعا الهجري الخميس الأول من أيار بعد يومين من الاشتباكات، إلى تدخّل دولي عاجل لحماية المدنيين في سوريا، لكنّ موقفه لم يحظ علناً بتأييد كافة دروز سوريا.
فماذا نعرف عن الموحدين الدروز في سوريا؟ وما هي هواجسهم في ظل الحكم الجديد؟
1- يُشير أبناء طائفة الموحدين الدروز إلى أنفسهم باسم “الموحدون”، أي المؤمنون بتوحيد الله، كما يُطلق عليهم أيضاً “بنو معروف”. ويُقال إن اسم “دروز” يعود إلى نشتكين (محمد بن إسماعيل) الدرزي، الذي نشر دعوته في لبنان وسوريا.
2- يتوزع الموحدون الدروز بشكل رئيسي في لبنان وسوريا وإسرائيل والأردن، إضافةً إلى مناطق أخرى متفرقة.
3- يرجع تاريخ وجود الموحدين الدروز في سوريا إلى مئات الأعوام، وقد لعبوا دوراً أساسياً في بلاد الشام عبر مراحل تاريخية مختلفة، حيث شاركوا في معركة حطين ضد الصليبيين عام 1187، وتولّوا مهام قيادية بعد نيلهم ثقة الأيوبيين والزنكيين. كما انخرطوا لاحقاً مع المماليك ضد المغول في معركة عين جالوت.
4- في القرن التاسع عشر، وقف الدروز إلى جانب العثمانيين ضد حملة محمد علي باشا على بلاد الشام، وكبّدوا الجيش المصري خسائر كبيرة في جبل العرب جنوبي دمشق، بقيادة الشيخ يحيى الحمدان، الذي كان يحكم الجبل آنذاك.
5- العلاقة مع الدولة العثمانية تدهورت لاحقاً، إذ ثار الدروز ضدها إثر محاولاتها المتكررة فرض سيطرتها على الجبل. وفي عام 1911، أعدم العثمانيون عدداً من زعماء الجبل بعد إحكام قبضتهم عليه، كان أبرزهم ذوقان الأطرش ويحيى عامر.
6- بعد ذلك، أعلن دروز سوريا ولاءهم للشريف حسين، وانضم المئات منهم إلى الجيش العربي، وكان الزعيم سلطان باشا الأطرش في طليعة مَن رفع علم الثورة العربية الكبرى، أولاً في الجبل ثم في دمشق.
7- في عام 1925، لعب الدروز دوراً محورياً في مقاومة الاحتلال الفرنسي لسوريا، إذ رفضوا مشروع تأسيس دولة درزية، وأشعلوا شرارة الثورة السورية الكبرى بقيادة سلطان باشا الأطرش.
8- يبلغ عدد الموحدين الدروز في سوريا اليوم نحو 700 ألف نسمة، يتوزعون في مناطق مختلفة من بينها السويداء والجولان، وبالقرب من دمشق وفي إدلب. (BBC)