واجهت الاقتصادات العالمية أزمات متعددة، منذ الحرب الباردة وصولا إلى الغزو الروسي على أوكرانيا، كما أن لفيروس كورونا دور في ضرب الأسواق العالمية والاقتصادات المحلية بقسوة.ويقول تحليل لمجلة Foreign Affairs الأميركية إن “الكوارث تحدث بانتظام”، مشيرا إلى حوادث مثل هجمات سبتمبر في الولايات المتحدة، والركود العالمي عام 2008، مضيفا أن “الأزمات هي القاعدة، وليس الاستثناء”.
وتشير المجلة إلى احتمالات متعددة لـ”الأزمة التالية” سواء كانت نتيجة دورة الاقتصاد الطبيعية، أو فيروس جديد، أو حرب أخرى، أو هجمات “إرهابية” على الأرض، أو في الإنترنت.وأضافت المجلة أن “أيا كانت أصولها، فإن الأزمة المقبلة ستضرب نظاما اقتصاديا يتعرض بالفعل لضغوط، حيث الناس في جميع أنحاء العالم محبطون ولا يهدأ لهم بال”.وأضافت أن “المنافسة الجيوسياسية ولدت انعدام الثقة بين الاقتصادات الكبرى، ويبدو أن العالم يتفكك إلى مناطق جاذبية اقتصادية وأقطاب محلية للسلطة”.
المؤسسات الاقتصادية الدولية
ويقول التحليل إن المؤسسات الاقتصادية الدولية “تكافح” للتكيف مع هذه التغييرات، وأن على صندوق النقد الدولي والبنك الدولي أن “يضيفا سياسات تتعلق بالمناخ والوباء إلى بعثتيهما”، كما إن منظمة التجارة العالمية “مطالبة” بتحديث قواعدها.ويبدو أن شكل العالم يتغير، حيث يشير التحليل إلى أن “الموضة” اليوم تتطلب التخلص من القديم، ففي الولايات المتحدة، قررت إدارة بايدن أن اللحظة قد حانت لقواعد جديدة. وعلى الصعيد الدولي، بشر المخططون في الأمم المتحدة، ومؤسسة راند، والمنتدى الاقتصادي العالمي بأوامر اقتصادية جديدة.لكنه يقول إن “مهندسي التصاميم الاقتصادية الجديدة لديهم فهم خاطئ لكل من السلوك الاقتصادي وصنع السياسات الفعالة”، مؤكدا أن “النظم الاقتصادية تتطور من خلال التغيير المستمر، الذي غالبا ما تعجل به أحداث متفرقة لا يمكن التنبؤ بها”.
ويدعو “صناع السياسات إلى تكييف الأنظمة باستمرار مع الظروف الجديدة بدلا من اختراع هياكل جديدة مصممة لتناسب أحدث النظريات”.ويؤكد أنه “يجب أن تهدف الدبلوماسية الاقتصادية إلى تحقيق المرونة وتعزيز التكيف”.ويطالب التحليل صناع السياسات أن يكيفوا النظم والمؤسسات مع التغيرات والاضطرابات. ولكن بدلا من استبدال نماذج النظام السابق، يجب عليهم إجراء إصلاحات وظيفية مستمرة تساعد الجهات الفاعلة الوطنية وعبر الوطنية على حد سواء على التعامل مع الصدمات والتكيف.وقالت المجلة إنه “في العقود الأخيرة، اضطرت الولايات المتحدة إلى التكيف مع التأثير المتزايد – والمشاكل – للأسواق الناشئة، كما أصبحت قوة الصين الصاعدة أكبر شاغل خارجي لواشنطن، على الرغم من أن الولايات المتحدة لم تطور بعد مفهوما واضحا لنظام يمكنه استيعاب كلا البلدين سلميا.ويضيف يدرك الأميركيون أن الهند ستكون مكانا للقوة في السنوات المقبلة، لكنهم كانوا بطيئين في تقدير الأنماط الاقتصادية المتغيرة في مختلف أنحاء جنوب شرق آسيا. كما إن التركيبة السكانية لأفريقيا تلوح في الأفق في المستقبل.التوقع والتكيفويقول التحليل إن صناع السياسات يجدون صعوبة في التنبؤ بالأحداث، ولكن بوسعهم، بل وينبغي لهم أن يتوقعوا التطورات.مضيفا أن العالم في خضم تجربة مالية نقدية تاريخية، منذ الأزمة المالية العالمية، حيث وسعت البنوك المركزية الكبرى والائتمان إلى حد كبير، وأنفقت الاقتصادات الكبرى، وخاصة في العالم المتقدم، تريليونات الدولارات استجابة للجائحة بينما اعتمدت على السياسات النقدية لشراء المزيد من الأوراق المالية الحكومية.ودعا التحليل صناع السياسات إلى أن يستعدوا لتحولات كبيرة وحادة في التوقعات بشأن الظروف الاقتصادية، وفي تقييمات الأصول، وفي التدفقات المالية عبر البلدان والأسواق.وقال إن وزراء المالية ومحافظو البنوك المركزية في الاقتصادات الكبرى يحتاجون إلى منتدى صغير غير رسمي حيث يمكنهم مراقبة الاقتصاد العالمي والظروف المالية بانتظام، وتبادل وجهات النظر، وعند الضرورة، العمل بشكل متضافر.مضيفا أن الصين، واليابان، والمملكة المتحدة، والولايات المتحدة، وبلدان منطقة اليورو والبنك المركزي الأوروبي سيحتاجون إلى التعاون حينما تضرب الأزمة القادمة.ودعا التحليل صناع السياسات لدعم العلم من أجل التغلب السريع على الأمراض المتوقع ظهورها، والتظافر في وجه الكوارث الطبيعية المتوقعة والتي يمكن أن يكون لها آثار هائلة على الاقتصاد في العالم.