الوسم: إيران

  • يوم فهم الحريري رسالة لبنان

    لطالما حمل سعد الحريري لواء مشروع الدولة وبناء المؤسسات وإعلاء شأن الدستور والقانون وتحقيق السيادة والاستقلال، وهي المفاهيم نفسها التي أرسى ممارستها رفيق الحريري الذي لم يؤمن بغير لبنان وطناً نهائياً لأبنائه على السواء، فما المعنى السياسي لمواجهة سلاح غير شرعي في بلد تعددي؟

    لا شك أن لبنان يتميز بتعدديته الطائفية والمذهبية والسياسية وهو ما جعل البابا الراحل يوحنا بولس الثاني يطلق عليه تسمية “بلد الرسالة”. وقد شهد لبنان مراحل سياسية متشابكة داخلياً وخارجياً ومحطات عسكرية متداخلة عربياً وإقليمياً ودولياً ولَّدت صراعات حزبية معقدة بعضها ذو طبيعة طائفية وأخرى نتيجة ارتباطات خارج الحدود وفق انتماءات مذهبية.

    أحزاب عديدة سقطت بكياناتها العسكرية في الحروب إثر المعارك التي دارت رحاها على الأرض اللبنانية ثم بُعثت لاحقاً سياسياً ك “القوات” و”الكتائب” المارونيين و”أمل” الشيعية و”التقدمي الاشتراكي” الدرزي، وأخرى أفلت كلياً ك”المرابطون” السني ليولد على الأثر “حزب الله” الشيعي المرتبط عضوياً بالجمهورية الإسلامية في إيران، والذي تمكن من الدولة اللبنانية تباعاً في السياسة والبرلمان والمؤسسات وغيرها حتى أصبح وبالأطر الديموقراطية والقانونية جزءاً لا يتجزأ من تركيبة لبنان التعددية.

    أقدم “حزب الله” على اختطاف الدولة فأسقط مفهوم القانون والمؤسسات بقوة السلاح غير الشرعي فكثر حوله الخصوم الذين اختلفوا معه حول طبيعة بندقيته وبوصلة رصاصته التي انتقلت من محور مقاومة الكيان الصهيوني إلى بناء امبراطورية دينية – عسكرية تحت مسمى ولاية الفقيه.

    ومع تعاظم دور الحزب في تحديد خيارات لبنان السياسية والدستورية والديبلوماسية ومن خلفه إيران العائلة الروحية لمشروعه “السيطري”، ساد شعار مواجهة الإحتلال الإيراني خاصة بعد حرب تموز و7 أيار والحرب السورية التي فرض الحزب بموجب نتائجها الإنتصارية المزعومة أداءً سياسياً أكثر تسلطاً ضاق بفعله اللبنانيون عيشاً على الصعد كافة، ولكن هل تستقيم مواجهة السلاح بغير السلاح؟ حتماً لا في بلد تعددي يستحيل فيه إلغاء الآخر بفعل قوة ارتباط الكيان السياسي بالطائفة والمذهب، حالٌ أدركه سعد الحريري جيداً بفعل انتمائه إلى الواقعية السياسية التي تفقه جيداً قراءة الأحداث بشفافية وإطلاق المواقف بعيداً عن الشعبوية واتخاذ القرارات طبقاً للمصلحة الوطنية، فكان خياره “ربط النزاع” بين تيار “المستقبل” و”حزب الله” أي بين الطائفتين السنية والشيعية ضمناً، منعاً لإشعال فتيل فتنة مذهبية نعلم أين تشتعل ونجهل متى وكيف تنطفئ.

    إن المهادنة في البلدان التعددية تشكل روحية العمل السياسي بعيداً عن الشعارات البراقة التي لا تفي سوى بغرض التجييش الطائفي بهدف الحشد السياسي ليجد المواطن نفسه أمام دوامة من العنف اللفظي وما قد يستتبعه من مواجهة جسدية يسقط معها الوطن حيث لا يمكن له أن يعود.

    رسالة لبنان لا يمكن لها أن تسقط تحت نيران مواجهة غير متوازنة من دون أن يعني ذلك استسلاماً أمام واقع قائم بفعل إرادة خارجية متقاطعة مع مصالح قريبة من الميدان اللبناني تارة تحت مسميات حوارات المصالح والتهدئة، وطوراً طبقاً لما تقتضيه وقائع السلم العالمي الذي تحدده معارك توسعة النفوذ إقليمياً ودولياً.

    وحده سعد الحريري أحسن قراءة رسالة لبنان التعددية والمشاركة الديموقراطية التي يستحيل بفعلها إلغاء أي طرف آخر طالما أنه مشارك في السلطة بإرادة شعبية. وحده سعد الحريري أدرك أن معالجة قضية سلاح “حزب الله” ربما يقررها كل العالم إلا لبنان فهل يدرك ذلك الآخرون؟

  • من لبنان شكرًا السعودية.. هاشتاج يجتاج تويتر لبنان

    من لبنان شكرًا السعودية.. هاشتاج يجتاج تويتر لبنان

    أكد الإعلامي اللبناني طارق أبو زينب ان هناك أبواق مأجورة ومعروفة الاهداف تطل احيانا من بعض القنوات التلفزيونية اللبنانية الممولة من إيران وحلفاءها وتستضيف ما يسمى محللين سياسيين مأجورون يتطاولون على الشقيقة الكبرى المملكة العربية السعودية بهدف خدمة لأجندات معينة، ومشاريع مشبوه

    وقال ابوزينب لصدي البلد : لكن غالبية الشعب اللبناني تنظر للمملكة قيادة وحكومة وشعب،كأخ وقف الى جانب لبنان في اصعب الظروف، فلا ينكر فضل ⁧‫السعودية‬⁩ واياديها البيضاء الا كل جاحد وناكر للمعروف.

    ودشن عدد نشطاء موقع التدوينات القصيرة تويتر هاشتاج تحت من لبنان شكرًا السعودية ، ردًا على الاصوات المأجورة التي تتطاول على قبله المسلمين ارض الحرمين الشريفين المملكة العربية السعودية،قلعه كل العرب الشرفاء.

    وقد تفاعل مع الوسم الذي اطلق من جميع الطوائف والاديان في لبنان وفِي دقائق اصبح ترند الاول في لبنان .

    حيث غردت الاعلامية اللبنانية لبنا دبسي قائلا ” الهجوم الاعلامي والتنمر على المملكة العربية السعودية وقيادتها مرفوض ومستنكر ، والمملكة تربطها بلبنان علاقات المودة والأخوة والتي كانت وما زالت تقف مع لبنان في المحطات الصعبة .

    بينما كتب اخر ويدعي أحمد حمود قائلا : الوسم ( هاشتاق ) هو تأكيدًا على الوفاء والاخلاص للعلاقات الاخوية اللبنانية السعودية العربية الراسخه في القلوب.

    وقالت اخري وتدعي فرح : اكثر من ٣٠٠ الف لبناني يعيش حياة كريمة بسبب العمل في المملكة وبالاضافة الى دعم الممكلة للبنان الذي لا يمكن ان ننساه.

  • من كورونا إلى انفجار المرفأ.. 2020 عام الكوارث الكبرى

    من كورونا إلى انفجار المرفأ.. 2020 عام الكوارث الكبرى

    في الوقت الذي تكافح فيه دول الشرق الأوسط جائحة فيروس كورونا المستجد، اضطر الكثيرون أيضًا إلى التعامل مع الصراعات الطويلة الأمد والأزمات الاقتصادية والاحتجاجات الجماهيرية في عام آخر فوضوي في المنطقة المضطربة.

    لم يكن الحدث الأكثر تدميراً في المنطقة هو تفجير إرهابي أو غارة جوية، وإنما في مرفأ بيروت حيث انفجر مخزون من المواد الكيميائية القابلة للانفجار كان مخزناً بشكل غير صحيح هناك لسنوات. وأدى انفجار الرابع من آب إلى مقتل أكثر من 200 شخص وإصابة الآلاف وتدمير أحياء بأكملها في العاصمة.

    تفشي كورونا
    بدأ العام، بمخاوف من اندلاع حرب بعدما قتلت الولايات المتحدة جنرالا إيرانيا بارزا، وهيمنت على المشهد جائحة كورونا في ظل الانقسامات المريرة والصراعات المستعصية في المنطقة.

    وسارعت الدول بإقامة مستشفيات ميدانية حيث انتقل الوباء بسهولة عبر الحدود شديدة الحراسة. جلب الوباء أهوال جديدة إلى سوريا واليمن، اللتين لا تزالان غارقتين في الحرب الأهلية.

    تم إلغاء رحلات الحج والعمرة أو تقليصها بشكل كبير.

    كان أسوأ انتشار في المنطقة في إيران، التي كانت تعاني بالفعل من شهور من التصعيد مع الولايات المتحدة بعد انسحاب الرئيس دونالد ترامب من الاتفاق النووي لعام 2015 وفرضه عقوبات معوقة.

    وفي كانون الثان، قتلت غارة أميركية بطائرة مسيرة الجنرال قاسم سليماني، مهندس الأنشطة العسكرية الإقليمية لإيران، بالقرب من مطار بغداد الدولي. وردت إيران بهجوم صاروخي على قواعد أميركية في العراق.

    مظاهرات
    واستمرت الاحتجاجات أيضًا في العراق ولبنان، اللذين كانا يواجهان بالفعل انهيارًا اقتصاديًا حتى قبل الانفجار.

    في أفغانستان، اقتحم متشددون مستشفى للولادة في ايار، ما أسفر عن مقتل 24 شخصًا على الأقل، بينهم أمهات وممرضات وطفلين.

    وسلط الهجوم المروع الضوء على الاضطرابات المستمرة، بالرغم من اتفاق السلام الذي تم التوصل إليه في شباط بين الولايات المتحدة وطالبان، واللتان أدانتا الهجوم على المستشفى ونفتا أي تورط فيه.

  • الرهان على دور روسي انقاذي للبنان في غير محله

    الرهان على دور روسي انقاذي للبنان في غير محله

    بحسب المعلن من مواقف في اعقاب زيارة سفير لبنان لدى روسيا شوقي بو نصار لنائب وزير الخارجية الروسي والمبعوث الخاص للرئيس بوتين في الشرق الاوسط وافريقيا مخائيل بوغدانوف، فإن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف سيزور لبنان اواخر شهر تشرين الاول المقبل للقاء كبار المسؤولين، في اشارة الى الاهتمام الروسي بدعم لبنان للخروج من اوضاعه الصعبة.

    هذا الاهتمام المتأخر نسبيا، وقد يكون فات اوانه حتى نهاية تشرين المقبل، استنادا الى تدهور الاوضاع بشكل دراماتيكي في لبنان في ظل حزمة الازمات التي تعصف بالبلاد وتبدو ستنفجر دفعة واحدة اذا ما تم رفع الدعم عن المحروقات والقمح والدواء، لا تعوّل عليه مصادر دبلوماسية غربية اهمية كبرى لا بل من باب رفع العتب، خصوصا ان اي مسؤول روسي لم يزر بيروت بعيد انفجار المرفأ، خلافا لسائر المسؤولين في دول العالم.

    وتاليا من غير الجائز عدم تخصيص لبنان بزيارة دعم ومواساة والاكتفاء بالمساندة عن بعد.

    تحاول موسكو بعد استشعارها مدى الابتعاد عن ساحة لبنان العودة اليه باتصال من هنا وزيارة من هناك في الوقت الضائع الفاصل عن، اولا الموعد الممدد للمبادرة الفرنسية التي اعطاها الرئيس ايمانويل ماكرون للمسؤولين لاعادة تشكيل حكومة وتتراوح بين 4 و6 اسابيع وثانيا عن الانتخابات الاميركية التي ستتزامن مع هذا الموعد تقريبا بحيث يُماط اللثام عن المستور الذي ترهن ايران لبنان لاجله، ببقاء الرئيس دونالد ترامب المتشدد الى الحد الاقصى او رحيله.

    هي استقبلت السفير بو نصار المعروف انه من حصة الزعيم الاشتراكي وليد جنبلاط، داعمة “سيادة الجمهورية اللبنانية الصديقة ووحدتها واستقلالها وسيادة القرارات بشأن كافة المسائل على جدول الاعمال الداخلي وضرورة اتخاذها من قبل اللبنانيين انفسهم دون أي تدخل او إملاء خارجي”، وحرصت في اليوم التالي مباشرة على التواصل مع غريمه على الساحة الدرزية رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني الأمير طلال أرسلان الذي تلقى اتصالا من بوغدانوف، اكد “حرص روسيا على لبنان و اللبنانيين ومصلحتهم، مشيراً إلى أن المرحلة تتطلّب التواصل مع الجميع وتكثيف الجهود والحوار للوصول إلى حلٍّ يرضي الجهات كافة ويخرج لبنان من الأزمة الخانقة التي يمرّ بها”.

    هذه الحركة الروسية في الاتجاه اللبناني، تقول المصادر، معطوفة على حراك في الاتجاه الخارجي وتحديدا ايران بهدف حل ازمة لبنان الحكومية من خلال الضغط على طهران ليتنازل حزب الله عن شروط منعت تشكيل الحكومة وحملت مصطفى اديب على الاعتذار، ليست بالاهمية التي يعوّل عليها البعض.

    ذلك ان العلاقات الروسية- الايرانية وخلافا لما يعتقد بعض المغالين في التفاؤل ليست على ما يرام، لا بل سيئة، بدليل ان ما تسرب من لقاء وزيري خارجية البلدين منذ ايام عكس مدى عدم قدرة روسيا على “المونة” على الجمهورية الاسلامية لفك اسر حكومة لبنان، وما موقف طهران امس الذي صنّف المبادرة الفرنسية في خانة التدخل في الشؤون اللبنانية سوى المؤشر القوي الى عدم رغبتها بالتسهيل ولا بالحل والى دورها التعطيلي المباشر.

    وتعرب المصادر عن اعتقادها ان الرهان على دور انقاذي من جانب روسيا اذا اصطدمت المبادرة الفرنسية بالحائط المسدود ليس صائبا، والارتكاز على مفاوضات استانا التي جمعت الروسي الى جانب الايراني والتركي من اجل الحل السوري قاعدة لا تسري على لبنان، فالظروف مختلفة بالكامل والوضع اللبناني، على الارجح، يحتاج الى اكثر من ذلك بكثير والى تواصل اميركي مباشر مع ايران وثمن تقبضه لرفع يدها عن لبنان.. وهذا للأسف ليس واردا على الاطلاق اليوم.

  • اللبنانيون مخطوفون ويتقلّبون في جهنّم حقيقية… فهل مَن يتحرّك لانقاذهم؟

    اللبنانيون مخطوفون ويتقلّبون في جهنّم حقيقية… فهل مَن يتحرّك لانقاذهم؟

    ببرودة أعصاب لافتة، سلّم الجميع في الداخل والخارج، بأن الاستحقاق الحكومي وضع في الثلاجة حتى اشعار آخر، وبأن مرحلة تصريف الاعمال ستطول ولن تنتهي قبل معرفة نتائج الاستحقاق الرئاسي الاميركي، وربما استمرت حتى نهاية العام.

    اعلام الفريق الممانع، أعلنها بلا خجل اليوم، وسوّق في صحفه ومنابره ان حكومة لبنان باتت مربوطة بانتخابات البيت الابيض.

    أما اللاعبون الدوليون الكبار، فبدوا أيضا مسلّمين بالامر الواقع هذا: الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون قالها صراحة في مؤتمره الصحافي الاخير في شأن لبنان مساء الاحد، وما مهلة الاسابيع الستة التي اعطاها للاطراف اللبنانية لمحاولة الاتفاق على حكومة جديدة خلالها، الا خير دليل على ان الاخيرة باتت رهينة ما سيجري في واشنطن.

    أما روسيا، فأكدت في الساعات الماضية، اهتمامها بلبنان وتمسكها بضرورة حل جميع القضايا العالقة على الأجندة اللبنانية من قبل اللبنانيين أنفسهم، وهي ستترجم اهتمامها هذا بزيارة يعتزم وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف القيام بها الى بيروت، في نهاية تشرين الاول المقبل! نعم في نهاية تشرين اي بعد شهر من الآن.

    القوى الكبرى – تماما كما مَن يفترض ان يكونوا مؤتمنين على مصلحة اللبنانيين، وهم اتخذوا لنفسهم لقب “بي الكل” – استسلمت اذا لارادة حزب الله بإبقاء لبنان معلّقا على الصليب، ورقةَ تفاوضية ثمينة في يد القيادة الايرانية متى دقّت ساعة المفاوضات مع الرئيس الاميركي الجديد، أيا كانت هويّته.

    وبحسب ما تقول مصادر سياسية معارضة، هي ارادة حزب الله لا سواه، لانه يملك الاكثرية النيابية ولانه المعطّل الاول، بالدليل الدامغ، والشروط “التعجيزية” لعملية التأليف.

    لكن فيما الكل يتفرّج، لبنان في “الجحيم”، وليس متجها اليه كما قال رئيس الجمهورية العماد الرئيس الفرنسي منذ ايام قليلة.

    اللبنانيون يتقلّبون على نار الاسعار، الغلاء يكويهم، الدولار عاود الارتفاع. كورونا ينتشر في كل مكان، والمستشفيات بدأت تحذّر من اقتراب السيناريو الايطالي الى ابوابها.

    وفيما هاجس رفع الدعم عن السلع الاولية يقضّ مضاجعهم، وقد بات مسألة وقت، تحوّلوا الى متسوّلين يقفون في طوابير الذل لساعات باحثين عن “غالون” بنزين بات يباع بالقطّارة، وعن “مازوت” مفقود نهائيا على ابواب الشتاء، وعن ربطات خبز.. والاخطر، أن هذا الشح وصل الى “الدواء”.

    نعم، صعوبة فتح الاعتمادات من قبل “المركزي”، خلقت أزمة دواء، فاقمها القلق من ارتفاع سعره في الاسابيع المقبلة مع رفع الدعم عنه.

    المأساة حقيقية وستتفاقم. فهل مَن يشعر مع هذا الشعب؟ هل من يعنيه إخراجه من جهنّم؟ اهل السلطة عاجزون او لا يأبهون او لا يعلمون بما يحصل خارج اسوار ابراجهم وقصورهم العاجيّة.

    ورهان الناس اصلا ليس عليهم، ولسان حالهم “يلّي خربها ما بعمّرها”، لكن ماذا عن العواصم الكبرى، هي التي حرصت على التمييز بين الطبقة الحاكمة الفاسدة وبين الناس، وما انفكت تعبّر عن صداقتها وتعاطفها معهم؟

    هل ستتركهم لمصيرهم؟

    هل ستتفرّج عليهم يُجلدون ويساقون كالنعاج العاجزة الى الذبح على يد فريق قرر خطفهم لمصلحة عرّابه الاقليمي؟

    الشعب اللبناني ينادي ويستغيث ويصرخ مطالبا بفكّ أسره.. فهل مَن يسمع؟

    هل من يتحرّك؟

    ام ان الناس التي ثارت وقُمعت، تُركت لدفع ثمن خيارات الفريق الاقوى في الداخل؟

    حرام اللبنانيين… تختم المصادر.

  • لبنان أسير”حزب الله”

    لبنان أسير”حزب الله”

    لن تنفع فريق اهل الممانعة في لبنان، بأجنحته السياسية وماكيناته الاعلامية، محاولةُ تسويق رواية “استسلام الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون للضغوط الاميركية والسعودية” ليبرّروا رفع باريس السقف ضد حزب الله امس.

    فبعد المبادرة الفرنسية، وكيفية تعاطي الأخير معها، سقطت الاقنعة كلّها، وثبت بالدليل القاطع، للرأي العام المحلي والخارجي، أن الضاحية لا يهمّها ما يجري في لبنان، ولا اذا مات الشعب جوعا او غرقا او مرضا او بالنيترات، بل أولويتها “مصلحة ايران” التي من أجلها يرخص كل ثمين… ماكرون الذي اكد مرارا في مؤتمره الصحافي امس، أنه ليس ساذجا، حاول الرهان على امكانية ان تكون الاوضاع اللبنانية القاتلة قد بدّلت في سياسات الحزب.

    غير ان رهانه خاب، وتبيّن له بالدليل الحسي الدامغ الذي لا يرقى اليه شك، ان حزب الله يضع العصي في الدواليب، ويريد “إبقاء كل شيء في لبنان على حاله” على حد تعبيره.

    صحيح انه حمّل القوى السياسية كلّها مسؤوليه إفشال المبادرة، غير ان تصويبه على الحزب بالمباشر، واشارته للمرة الاولى الى انه لا يستطيع ان يكون ميليشيا وحزبا سياسيا في الوقت عينه، والى انه لا يمكن ان يمارس الترهيب على الاطراف الاخرى، محذرا اياه من اعتبار نفسه اقوى مما هو، كل هذه المواقف، دلت على انه المسؤول الاول عن إجهاض التشكيل، منبها من انه يأخذ لبنان والشيعة نحو الاسوأ.

    هذه المعطيات التي عرّت حزب الله أكثر امام المجتمع الدولي، بحسب ما تقول مصادر سياسية سيادية لـ”المركزية”، تقود الى الاستنتاج بأن المهلة الجديدة التي اعطاها ماكرون للمبادرة الفرنسية الحكومية، والتي تراوح بين 4 و 6 أسابيع، لن تحمل على الارجح اي جديد “إيجابي” في الداخل.

    ففيما ايران أكدت مجددا اليوم ان “من غير المفروض ان يتدخل اي فريق خارجي في اللعبة السياسية اللبنانية”، ما يعني عمليا انها ليست في صدد تليين تصلّب حزب الله، التوازناتُ السياسية اللبنانية لا تتيح اي خرق للستاتيكو السلبي القائم… هل يمكن ان ينصاع الفريق الآخر في البلاد لارادة الحزب بتشكيل حكومة اختصاصيين مسيّسة يسمّي فيها كل مذهب وطائفة وزراءه، من دون مداورة في الحقائب؟ الامر مستبعد كثيرا ايضا، تجيب المصادر، لإدراك الجميع ان تركيبة كهذه، لا يمكن ان تحقق الاصلاح المطلوب ولا ان تفتح ابواب الدعم الدولي العربي والغربي امام بيروت.

    امام الافق المسدود هذا، يمكن التعويل على عامل واحد لخرق هذا الجدار السميك الذي يعزل لبنان عن العالم ويُسجَن اللبنانيون خلفه: قلبُ المعادلة السياسية الحالية وإفقادُ حزب الله الاكثرية النيابية التي يملكها ويفرض بقوّتها، قراراته وتوجّهاته. والعيون هنا ترصد التيار الوطني الحر بشكل خاص.

    فبعد التمايز في اكثر من موقف بين طرفي تفاهم مار مخايل، وانتقاد رئيس البرتقالي النائب جبران باسيل قتال الحزب في سوريا، ورفضه المثالثة المبطنة وتمسّكه بالمداورة في الحقائب (….) هل يمكن ان يستكمل انعطافته هذه في الاسابيع المقبلة، فيعلن الطلاق مع الحزب؟ الخطوة كبيرة نعم، لكن حراجة الوضع اللبناني تحتاج قرارات كبيرة، بهذا الحجم. صحيح ان دين الحزب على التيار كبير، لكن الدين العام والتهديد المالي الامني الصحي الاجتماعي أكبر، ويجب ان تُعتق هذه الحقيقة المرّة، الوطنيَّ الحر، من اي حسابات أخرى.

    فهل يفعلها؟ هل يجرؤ على الابتعاد عن حزب الله، في موقف تاريخي لا ينقذ التيار فقط من سيف العقوبات الدولية الآتية، ولا العهد “العوني” المتهالك، فحسب، بل يحرّر لبنان وشعبه من الهيمنة الايرانية ويعيده الى حضن محيطه واصدقائه في العالمين العربي والغربي؟ الايام المقبلة ستحمل الجواب…

  • اتصالات داخلية لترتيب اجتماع يحصّن الطائف في مواجهة حز الله

    اتصالات داخلية لترتيب اجتماع يحصّن الطائف في مواجهة حز الله

    كل الابواب اقفلت وكل الآمال احبطت بعيد اعتذار الرئيس المكلف مصطفى اديب واطلالة عراب المبادرة الفرنسية الرئيس ايمانويل ماكرون المسائية وتسمية المعرقلين بالاسم من دون طرح حلول بديلة، لا بل امهال السلطة السياسية “الفاسدة” مجددا لاعادة السير بالمبادرة، انذاك يحين موسم الانتخابات الاميركية، فيتضح الخيط الابيض من الاسود وعلى اساسها يتحدد مصير لبنان.

    واذا كان الثنائي الشيعي الذي لم يتوان ماكرون عن تحميله مسؤولية ما آلت اليه الامور حكوميا، اتخذ قرارا نهائيا بربط لبنان ارتباطا غير قابل للحل بالصراع الدولي الاميركي- الايراني وعدم تقديم مصلحة الوطن على أوامر الولي الفقيه ومحاولة فرض نظام جديد لمصلحته، فثمة في الداخل من لا يستسلم لهذه الارادة ويسعى جاهدا، ولو ان نسبة نجاح جهوده ضئيلة، الا انه يؤمن بضرورة عدم الاستسلام والرضوخ لمن يأخذ لبنان رهينة لمصلحة اربابه الايرانيين.

    تكشف اوساط سياسية في المعارضة عن حركة اجتماعات واتصالات تجري بين بعض القوى السياسية والشخصيات غير المنضوية في المنظومة الحاكمة راهنا لترتيب اجتماع موسع لها يهدف الى تحصين دستور الطائف في مواجهة عاصفة المطالبة بنظام جديد للبنان يدفع نحوه بشدة الثنائي الشيعي لاسيما حزب الله. وتوضح ان لم يعد من مجال لترك الساحة لحزب الله يتصرف فيها وكأن البلاد ملكه وحده، يعلقها تارة على حبال حقيبة وزارية واخرى على مطلب طائفة في اطار فتح المسرح اللبناني للمد الايراني في اتجاه الدول العربية، فيما اركان السلطة ومالكو زمام القرار يتفرجون على لبنان ينسلخ عن محيطه العربي وعمن كان له السند والعون على مدى سنوات ازدهاره وتألقه.

    ويعتبر هؤلاء ان لا بد من وقفة تضع حدا للاندفاعة المتسارعة نحو هذا السلخ وخصوصا بالنسبة الى المملكة العربية السعودية التي تكاد لا تخلو اطلالة للامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله من مهاجمتها، وفي ذلك مخطط لقطع كل صلة للبنان بالمملكة، بما ترمز اليه بالنسبة الى الطائف المستهدف الاساسي من اجل ارساء نظام جديد يتحكم به الحزب، يضع لبنان في صلب مشروع الممانعة والمقاومة وفي المحور الايراني وينقله من دولة مساندة وفق قرارات الجامعة العربية الى دولة مواجهة، ليبقى وحيدا من بين الساحات العربية متماهيا مع الجمهورية الاسلامية بعدما فقدت تدريجيا سائر الساحات.

    وفي انتظار تبلور نتيجة الاتصالات لتحديد موعد الاجتماع، تربط الاوساط ما يجري حكوميا برفض ايران اعادة لبنان الى النفوذ الفرنسي بعدما اقتربت هي من الامساك الكامل بورقته، ذلك ان عودة فرنسا بقوة الى لبنان تعزيزا للعلاقات التاريخية الوثيقة بينهما، يشكل خطرا كبيرا على نفوذ ايران لا سيما ان هذه العودة مدعومة مسيحيا وسنيا ودرزيا على المستويين السياسي والروحي بما يقلص حجم سيطرة الثنائي الشيعي الذي بقي وحيدا في معركة التشكيل في مواجهة كل القوى السياسية الاخرى على القرار، والهيمنة على السلطة، خصوصا في زمن التطبيع العربي- الاسرائيلي ومحاولة باريس بسط نفوذها في المتوسط وتقدم المفاوضات لترسيم الحدود البرية والبحرية مع اسرائيل ومشروع نظام شرق اوسط جديد بقيادة اميركية ومباركة عربية ستضع طهران في حال عزلة وحصار قاتلين… هي آخر محاولات ايران لـ”امتلاك” لبنان ورهنه بالكامل لاجندتها. لكن يبقى في الوطن كثر يواجهون ويدافعون عن لبنان العربي الهوية والهوى، تختم الاوساط، وسيقاومون حتى النفس الاخير.

  • الملك سلمان : اللفّ والدوران بالمتاجرة بفلسطين وضوح

    الملك سلمان وما لا يجرؤ اللبنانيون على قوله
    أكثر ما تحتاج إليه المنطقة في هذه الأيّام هو الوضوح.

    إنّه الوضوح الذي عبّر عنه الملك سلمان بن عبد العزيز في خطابه الأخير.

    لا شيء أفضل من الوضوح السياسي البعيد عن اللفّ والدوران، الوضوح الذي يعني بين ما يعنيه تسمية الأشياء بأسمائها.

    كان خطاب سلمان بن عبد العزيز في افتتاح دورة الجمعية العامة للأمم المتحدة قمّة الوضوح.

    هذا ما تحتاج إليه المنطقة أكثر من أيّ شيء آخر في هذه المرحلة المصيرية التي تمرّ فيها، مرحلة اختلطت فيها الوطنية الحقيقية بالمتاجرة بفلسطين والشعارات الفارغة من نوع “المقاومة” و”الممانعة”.

    هناك عناوين كثيرة مهمّة في الخطاب.

    من بين أهمّها المقطع المتعلّق بلبنان.

    أكّد سلمان بن عبد العزيز الذي عرف لبنان عن كثب وقوف السعودية إلى جانب الشعب اللبناني الذي تعرّض إلى كارثة إنسانية بسبب التفجير الذي وقع في مرفأ بيروت، قال: “يأتي ذلك (التفجير) نتيجة هيمنة حزب الله الإرهابي التابع لإيران على اتخاذ القرار في لبنان بقوة السلاح مما أدّى إلى تعطيل مؤسسات الدولة الدستورية.

    إنّ تحقيق ما يتطلّع إليه الشعب اللبناني الشقيق من أمن واستقرار ورخاء يتطلّب تجريد هذا الحزب الإرهابي من السلاح”.


    ما قاله الملك سلمان إنجاز بحدّ ذاته، إنجاز يضع اللبنانيين أمام مسؤولياتهم بدل الهرب من الحق في المئة من الحقيقة التي قالها سلمان بن عبد العزيز للبنانيين بطريقة مباشرة وصريحة وبالفم الملآن. قال الملك، بكلّ بساطة، ما لا يجرؤ اللبنانيون على قوله. كان صوتهم المدوّي في ظلّ المأساة التي سقط فيها لبنان


    ليس هذا الكلام كلاماً عادياً بأيّ مقياس من المقاييس. إنّه يدلّ قبل أيّ شيء على أنّ المملكة العربيّة السعودية في حال الهجوم دفاعاً عن النفس في ضوء ممارسات “حزب الله”.

    لو لم يكن الأمر كذلك، لما ذهب سلمان بن عبد العزيز إلى هذا الحدّ في خطابه الذي يمكن وصفه بالتاريخي. للمرّة الأولى يجيب ملك السعودية على السؤال المحيّر الذي يشغل بال اللبنانيين منذ انفجار ميناء بيروت في الرابع من آب – أغسطس الماضي عن العلاقة بين “حزب الله” وما حدث من تدمير لحق ببيروت. ليس في لبنان من يجرؤ الحديث عن هذه العلاقة.

     ما قاله الملك سلمان إنجاز بحدّ ذاته، إنجاز يضع اللبنانيين أمام مسؤولياتهم بدل الهرب من الحق في المئة من الحقيقة التي قالها سلمان بن عبد العزيز للبنانيين بطريقة مباشرة وصريحة وبالفم الملآن.

    قال الملك، بكلّ بساطة، ما لا يجرؤ اللبنانيون على قوله.

    كان صوتهم المدوّي في ظلّ المأساة التي سقط فيها لبنان.

    من هذا المنطلق، يمكن وصف الخطاب الذي تلاه العاهل السعودي بأنّه تاريخي بالفعل، بل نقطة تحوّل في الصراع الدائر في المنطقة، وهو صراع ولد من المشروع التوسّعي الإيراني.

    يلجأ هذا المشروع إلى أدواته، حيث استطاع ذلك في كلّ دولة من الدول العربية، خصوصاً في لبنان وسوريا والعراق واليمن والبحرين التي استطاعت دول الخليج العربية إنقاذها من إيران وأدواتها المحليّة والإقليمية المعروفة في العام 2011.

    بالنسبة إلى لبنان، لم تقدّم السعودية سوى الخير.

    لا حاجة إلى تعداد ما قدّمته المملكة من مساعدات إلى لبنان، ولا حاجة إلى تعداد عدد اللبنانيين الذين عملوا وما زالوا يعملون في السعودية وعدد العائلات التي تعيش بفضل ما يأتيها من معيلها الذي يعمل في المملكة.

    اللبنانيون الذين يعملون في السعودية ينتمون إلى كلّ الطوائف والمناطق اللبنانية. لم تستثنِ المملكة أحداً.

    لم تفرّق في الماضي بين سنّي وشيعي ومسيحي ومسلم.

    أكثر من ذلك، كان السعوديون يشعرون أنّهم في بيتهم عندما كانوا يأتون إلى لبنان حيث امتلكوا شققاً في بيروت وخارجها. ما الذي جعل الملك سلمان يتحدّث بالطريقة التي تحدّث بها أخيراً، ويقول كلاماً اقلّ ما يمكن أن يوصف به أنّه تصويب مباشر على الهدف ووضع للنقاط على الحروف؟


    ما يكشفه الملك سلمان عبر خطابه أنّ هناك فهما في العمق لخطورة السياسة الإيرانية. ما يكشفه أنّ هناك جرأة سعودية ليس بعدها جرأة. السعودية تعتبر نفسها في حال حرب دفاعية مع إيران


    يشير كلام الملك سلمان إلى أنّ الكيل طفح في ضوء الأذى الذي يلحقه “حزب الله” بالمملكة انطلاقاً من لبنان. ما قاله حسن نصرالله الأمين العام للحزب في حق السعودية وكبار المسؤولين فيها مسجّل بالصوت والصورة.

    اعتدى بوضوح ليس بعده وضوح على المملكة ورجالاتها. فوق ذلك، تحوّل لبنان إلى قاعدة يعمل منها الحوثيون ضدّ السعودية.

     ليس سرّاً أن فضائية “المسيرة” التابعة للحوثيين تبثّ من بيروت وليس سرّاً أنّ الحوثيين يتدرّبون عند “حزب الله”.

    ليس سرّاً أخيراً وليس آخراً أنّ بيروت هي ثاني أهمّ مدينة بالنسبة إلى الحوثيين، بعد صنعاء.
    قدّم الملك سلمان بن عبد العزيز خدمة ليس بعدها خدمة إلى لبنان واللبنانيين. قال عنهم ما لا يستطيعون قوله. لذلك يستحقّ هذا الرجل الذي أحبّ لبنان كلّ شكر وامتنان ومحبّة.

    ليس غريبا قوله أيضاً في خطابه: “إننا في المملكة انطلاقاً من موقعنا في العالم الإسلامي نضطلع بمسؤولية خاصة وتاريخية، تتمثّل في حماية عقيدتنا الإسلامية السمحة من محاولات التشويه من التنظيمات الإرهابية والمجموعات المتطرفة”، مضيفاً: “إنّ التنظيمات الإرهابية والمتطرّفة، تجد بيئة خصبة للظهور والانتشار في الدول التي تشهد انقسامات طائفية، وضعفاً وانهياراً في مؤسسات الدول.

    وعلينا، إن أردنا أن ننتصر في معركتنا مع الإرهاب، أن لا نتهاون في مواجهة الدول الراعية للإرهاب والطائفية”.

    هناك في الخطاب ربط مباشر بين الطائفية والإرهاب.

    هناك فهم في العمق للعلاقة بين الإرهاب من جهة وإثارة الغرائز المذهبية التي هي في أساس المشروع التوسّعي الإيراني من جهة أخرى.

    ما يكشفه الملك سلمان عبر خطابه أنّ هناك فهما في العمق لخطورة السياسة الإيرانية.

    ما يكشفه أنّ هناك جرأة سعودية ليس بعدها جرأة.

    السعودية تعتبر نفسها في حال حرب دفاعية مع إيران.

    هناك هجمة عليها من اليمن ومن أماكن أخرى بينها لبنان. هل يفهم اللبنانيون ذلك ويتصارحون مع أنفسهم، ويدركون عمق المأزق الذي أوصلهم إليه “حزب الله” ومن خلفه إيران؟

  • تطبيع الخليج مع إسرائيل: إيران هي السبب

    تطبيع الخليج مع إسرائيل: إيران هي السبب

    يفترض أن يشكل القرار الأميركي خفض الوجود العسكري في العراق وتقليل عديد الجنود بنحو 2000 جندي وتجميع نحو 3200 آخرين في بعض القواعد في المناطق الغربية وإقليم كردستان، وتواتر الكلام عن نية واشنطن الانسحاب من مناطق شرق سوريا حتى نهاية العام الحالي 2020، مصدر ارتياح لقيادة النظام الإيراني الذي أعلن معركة مفتوحة منذ الثالث من كانون الثاني 2020، وبعد عملية اغتيال الجنرال قاسم سليماني، من أجل إخراج القوات الأميركية من غرب آسيا، خصوصا من العراق وسوريا.

    على الرغم من هذا التطوّر، يبدو أنّ فرحة النظام الايراني لم تكتمل بما يمكن أن يعتبره إنجازاً في إطار المواجهة المفتوحة بينه وبين الإدارة الأميركية. فالتطوّرات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط، وتحديداً منطقة الخليج وما تعنيه من محيط حيوي واستراتيجي للمصالح الإيرانية، أربكت المشهد أمام القيادة الإيرانية، بالتزامن مع انتقال العلاقات الضمنية بين بعض العواصم الخليجية وبين تل أبيب، إلى علاقات علنية مبنية على اتفاقية سلام وتطبيع على مختلف المستويات الاقتصادية والعلمية العسكرية والأمنية والاجتماعية، بعد أن كانت على مدى سنوات علاقات غير رسمية لم تغب عن رصد وعين طهران، وكانت تقبل بها ولا تعارضها بشكل جذري طالما بقيت تحت هذا السقف.


    الاستراتيجية الإيرانية التي سعى الرئيس الإيراني حسن روحاني منذ وصوله إلى رئاسة السلطة التنفيذية الترويج لها تقوم على تكريس تفاهم حول بناء مشروع “المنطقة القوية”


    هذا التحوّل والتطوّر في العلاقات بين هذه العواصم وتل أبيب، وما أكده وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو بأنّ تحالفاً أو ائتلافاً أمنياً وعسكرياً سيجري الاتفاق عليه بين تل ابيب وأبو ظبي لمواجهة الخطر الإيراني في منطقة الشرق الأوسط، ولاحقاً انضمام مملكة البحرين إلى هذا الاتفاق، نقل الهواجس الإيرانية إلى مرحلة متقدّمة تقارب تحسّس الخطر الذي بدأ يقترب من سواحلها الغربية والمحيط الحيوي لمصالحها الاستراتيجية والأمنية، والمشروع أو الرؤية التي تسعى لتكريسها في هذا المحيط ومنطقة الشرق الأوسط.

    الاستراتيجية الإيرانية التي سعى الرئيس الإيراني حسن روحاني منذ وصوله إلى رئاسة السلطة التنفيذية الترويج لها تقوم على تكريس تفاهم حول بناء مشروع “المنطقة القوية” بحيث تتولى دول المنطقة الاتفاق على إدارة الشؤون الإقليمية بمختلف مستوياتها الاقتصادية والأمنية والعسكرية من دون الحاجة إلى أيّ تدخل أو دور لطرف من خارج المنطقة وتحديداً الولايات المتحدة الأميركية. وهذا المشروع اتخذ لدى القيادة الإيرانية تعبيرات مختلفة على مدى العقود الماضية، إلا أنّ النقطة المحورية فيه تهدف لإقناع هذه الدول بالتخلّي عن الوجود الأجنبي سواء كان عبر القوات الأميركية المباشرة او عبر قوات تابعة لحلف الناتو.

    ثمّ جاء إعلان الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما لعقيدته الاستراتيجية، التي حدّدت هدفين أساسيين في الاهتمامات الأميركية على الساحة الدولية، الأول تخفيض الوجود العسكري الأميركي في منطقة غرب آسيا وتحديداً في الشرق الأوسط والخليج مع الالتزام التام بالدفاع عن أمن مصادر الطاقة وحرية وصولها، والثاني انتقال الجهد الأميركي إلى منطقة بحر الصين والتركيز على مراقبة الصعود الصيني.

    وبدأت محاولة محاصرته بما يشكّله من تحدٍّ حقيقي مستقبلي للدور الأميركي على الأقل اقتصادياً على المستوى العالمي.

    هذا الإعلان عزّز الجهود الإيرانية التي رأت في هذه العقيدة تطابقاً نسبياً مع رؤيتها وإمكانية أن تلعب الدور البديل القادر على ملء الفراغ العسكري والأمني بعد تقليص واشنطن لوجودها. وظنّت إيران أنّ تحقيق هذا الهدف لا بدّ أن يمرّ عبر إقامة تفاهمات وتهدئة مع دول المنطقة، خصوصاً الدول المعنية أكثر من غيرها في هذا التطوّر، أي المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة.

    إلا أنّ طهران لم تستطع تعبئة الفراغ القائم بين الرؤية التي تريدها والواقع الناتج عن تمدّدها في الاقليم، والمخاوف التي أفرزتها جرّاء تهديدها لمصالح هذه الدول في المناطق التي وقعت تحت السيطرة الإيرانية في العراق واليمن وسوريا ولبنان.

    ولم تستطع طهران التقليل من هذه المخاوف على الرغم من كلّ الجهود التي بذلها وزير الخارجية الإيرانية محمد جواد ظريف من خلال الطروحات التي قدّمها عام 2019 حول بناء نظام أمني إقليمي، وتعاون أمني لإدارة مضيق هرمز ومعابر الطاقة الدولية في المنطقة.


    يمكن القول إنّ طهران قد لا تعارض أيّ اتفاق سلام بين إسرائيل مع أيّ دولة عربية خارج مجالها الحيوي، مع الاحتفاظ بحقها في رفض هذا المسار وإدانته، كما في التجربتين المصرية والأردنية


    وأمام تنامي النفوذ الإيراني في العمق والمدى العربي الحيوي، تنامت في المقابل حالة الخوف من آثار وأهداف هذا النفوذ أو ما اصطلح على تسميته “إيرانوفوبيا”، ما ساهم في تعميق الهوة بين هذه الدول وبين النظام الإيراني، الذي وجد نفسه في مواجهة تصعيد أميركي غير مسبوق مع إدارة الرئيس دونالد  ترامب، الذي حدّد  استراتيجيته في التعامل مع هذا النظام، والتي استهدفت بشكل مباشر النفوذ الإيراني الإقليمي، وتفكيك أذرعه في المنطقة بالإضافة إلى البرنامجين الصاروخي والنووي. في المقابل، وجدت دول الخليج أنّ خيارها للدفاع عن مصالحها، يكمن في بناء تحالفات وتفاهمات واتفاقيات تضمن لها الحدّ الأدنى الذي يسمح لها مواجهة المخاطر المتأتية من الطموحات الإيرانية.

    وفي موازاة التزام الرئيس ترامب باستراتيجية تخفيض الوجود العسكري خارج الولايات المتحدة وتحديداً في منطقة الشرق الاوسط، لم تجد هذه الدول سوى خيار الذهاب نحو بناء تحالفات واتفاقيات مع الخصم اللدود للنظام الإيراني المتمثّل بالنظام الإسرائيلي الذي يلتقي مع الهواجس العربية من الدور الإيراني، لكن على نصاب مختلف يقوم على قطع الطريق أمام طهران لتكون شريكاً له في النفوذ الاقليمي.

    لذلك يمكن القول إنّ طهران قد لا تعارض أيّ اتفاق سلام بين إسرائيل مع أيّ دولة عربية خارج مجالها الحيوي، مع الاحتفاظ بحقها في رفض هذا المسار وإدانته، كما في التجربتين المصرية والأردنية.

    إلا أنّ دخول الدول الخليجية في اتفاقيات أمنية، هدفها المعلن إسرائيلياً وأميركياً هو محاصرة الدور والنفوذ الإيراني، ما يشكّل مصدر القلق والتوتر الإيراني من الخطوة الخليجية، لأنه يضعها في دائرة المواجهة المباشرة مع على حدودها، وما يكشف عمقها الداخلي ويحوّله إلى ساحة مواجهة مباشرة بعد أن كانت تمسك بهذه اللعبة من خلال تهديد الداخل الإسرائيلي عبر وجودها من خلال حلفائها على هذه الحدود في كلّ من لبنان وسوريا وغزة. فهل ستسمح طهران بانقلاب الصورة وتغيير قواعد الاشتباك بينها وبين تل أبيب؟ تغيير قد يدفع باتجاه الكثير من التطوّرات التي قد تعيد ترتيب الأولويّات المفتوحة على جميع الاحتمالات لدى طهران.